Monday, March 21, 2011

هزيمة بطعم النصر و نصر بطعم الهزيمة

هزيمة بطعم النصر و نصر بطعم الهزيمة
حسب الأرقام الرسمية فأن معسكر التصويت ب "لا" علي التعديلات الدستورية حصل علي أكثر من 4 مليون صوت مقابل 14 مليون لمعسكر "نعم". و أنا أشكك بل أعتقد جازما من تقارير كثيرة أن هذه الأرقام لا تعكس حقيقة التصويت و بها الكثير من التزوير المتعمد. لكن حتي مع هذه النتيجة لما يشعر معسكر لا بفرحة خفية و لما يتوتر معسكر نعم "المنتصر" و تبدو عليه علامات الارتباك. معسكر "لا" هو المعسكر الذي رفض تعديلات البشري المشؤومة علي الدستور الساقط و خرج يقول لا من أجل دستور جديد يليق بمصر ثورة 25 يناير. فهو معسكر الثورة. معسكر نعم هو المعسكر الذي خرج بدافع الخوف. الخوف من عدم الاستقرار الخوف من بقاء الجيش الخوف من مخالفه الدين الخوف من المستقبل الخوف من المجهول. و هذا هو سر أن هزيمتنا لها طعم النصر و نصرهم يقطر هزيمة.
قبل الثورة لو جمعت القوي التي تريد دستورا ديمقراطيا لمصر لما تعدت العشرة الأف. الآن هم 4 مليون أي أكبر من الأخوان و السلفيين و حزب النظام كل علي حدة. أكبر قوة سياسية في مصر الآن هي معسكر "لا" لذا نشعر أننا هزيمتنا أقرب للنصر بينما هم فقدوا مكانتهم و لم يصبحوا الوحيدين في الساحة
معسكر "لا" خاض معركة التعديلات علي أساس من أقناع كل مصرية و مصري بما يراه مصلحة بلاده أما هم فخاضوها علي أساس بث الخوف في صدور الناس سواء الخوف المشروع من عدم الاستقرار أو بقاء الجيش أو الخوف الكاذب من مخالفه الشريعة و من عذاب الآخرة و مع الخوف الكذب و الادعاء
معسكر "لا" كان في صفه أغلبية ساحقة من المثقفين و المفكرين و الأدباء و رجال القانون. أما هم فاعتمدوا علي البسطاء من الناس و من لم يشارك من قبل. معسكر "لا" له السيادة في المدينة حيث الحركة أكبر و أوسع و النقاش أعمق معسكر "نعم" يسود في الريف حيث لم تصل ثورة يناير إلا قليلا. لذا فأن معسكر "لا" يشعر أن الريف قادم إليه لا محالة و هم يشعرون أنهم فقدوا مواقع سيطرتهم التقليدية.
معسكر "لا" كان يخوض معركة ضد النظام و ضد الوضع القائم و هم يخوضون معركة لتثبيت الوضع القائم. نحن كنا نهاجم و هم يدافعون. لذا فنحن نشعر أن هجومنا القادم سيكون أكثر فاعلية و تأثيرا بفضل ما كسبناه من هجومنا هذا و هم يشعرون أنهم يفقدون موقع تلو الآخر.
معسكر "لا" يشعر أنه حر لانه كذلك فعلا بينما معسكرهم قد وقع في قبضة المجلس العسكري. فمنذ اللحظة التي غادر فيها الأخوان التحرير متوجهين للقاء عمر سليمان و الإخوان – كعادتهم – وضعوا أنفسهم تحت أمرة النظام و أصبحوا في أحسن الأحوال جزء منه. بينما نحن لم نفقد أستقلالنا و حريتنا لذا نشعر أننا قادرين و هم يشعرون أن عليهم أنتظار الأوامر
معسكر "لا" يعرف أنه حقق ما حققه من عمل أسبوعين لا أكثر هم الفترة السابقة علي التصويت. معسكرهم وراؤه عمل عشرات السنوات من الحشد و الشحن. لذا نحن نشعر أن شهر ضافي سيقلب المعادلة و هم يشعرون أن أقصي ما يمكن عمله قد عمل.
معسكر "نعم" جني ما جني من نفوذ وسط نظام مبارك العفن فلجأت إليه الناس لن لم تكن هناك قوة آخري منظمة معسكرنا يجني من الأنصار أناس أمامهم خيارات متعددة لذا معسكرنا يشعر أنه معسكر المختارين و هم معسكر المضطرين.
معركتنا كانت حول أمر شديد التعقيد و هو تعديلات علي دستور و هي لذلك تبدو بعيدة جدا عن أهتمام عامة الناس و حينما ستدور المعركة حول الانتخابات و نقترب من هموم الشعب اليومية ساعتها سيكون من السهل علينا أن نوضح كيف أن برنامج الإخوان لا يختلف حقيقة عن برنامج الوطني و كيف أن السلفيين هم ضد مصالح الفلاحين و ليسوا معها. معسكر "لا" حقق ما حققه في موضوع غامض و معقد لذا يشعر بالنشوة لأن معاركنا القادمة ستكون حول قضايا أقرب لفهم الناس أما هم فعلي العكس يشعرون أن القادم سيطرح للنقاش من هم و عن أي طبقات يدافعون.
معسكرنا علاوة علي ذلك هو معسكر الشباب و معسكرهم هو معسكر الشيوخ – حتي لو كانوا شبابا – لذا معسكرنا يشعر أن أمامه المستقبل و هم يشعرون أنهم أقتربوا من نهاية الطريق
و لا أريد أن أجمل الموقف أكثر مما ينبغي ففي معسكرنا إحباط و قلق و مرارة. و لكنها كلها أشياء نابعة من أناس كانوا يريدون نتيجة أفضل و تقدم أوسع. فحتي المحبطين منا فخورين بما قدموه و سعداء به.
ما الذي جعلنا قادرين علي تحقيق هذه النتيجة؟
بدون شك أخلاص و أبداع و تفاني الآف من المخلصين لوطنهم و عملهم بجد بل و نضالهم و تضحياتهم و وقوفهم في وجه التهديدات من كل نوع. عدا ذلك فأن أهم ما جعلنا نصل إلي هذه النتيجة هو لجاننا الشعبية. اللجان الشعبية هي الأساس الراسخ لمعسكر "لا" و هي سر قوته و أساس تنظيمه. و هذا سبب أضافي لشعورنا بالفرحة رغم الهزيمة. لجاننا الشعبية -علي العكس منهم - أعضائها أحرارا يفعلون ما يشاؤون و من حقهم أن يقولوا أرائهم أي كانت في مواجهه آي كان بل من حقهم أن يسبوا و يلعنوا و يعودون لبيوتهم دون أن يخشوا أن يرميهم زملائهم بالكفر أو الخروج علي الملة و دون أن يخشوا أن يفقدوا علاوة أو ترقية. تنظيمنا مبني علي الديمقراطية التي نريدها لمصر و نعلنها، تنظيمهم مبني علي السمع و الطاعة التي يريدونها لمصر أيضا لكنهم يخفون ذلك. لجاننا الشعبية هي التي مكنتنا أن نحشد قوي ضخمة جدا في زمن قياسي و نفعل ذلك بطريقة خلاقه مبدعة. أننا نشعر بالفرحة لأن لجاننا الشعبية برهنت علي قدرتها العالية – المتفوقة – علي الحشد و علي تجميع ملايين بينها أختلافات كثيرة و تباينات كثيرة و رغم ذلك تعمل سويا من الإسكندرية إلي أسوان كما لو كانت آله موسيقية واحدة. لجاننا الشعبية هي سر قوتنا التي لن يفهمها أبدا أنصار معسكر "نعم" فقط سيخافون منها كما يخافون من قائمة طويلة. لقد ألتقيت غربيين كثيرين يعتقدون في ما يسمي "العبقرية الفرعونية" – و أرجو ألا يؤخذ كلامي هذا بمحمل عنصري- لجاننا الشعبية هي تجسيد لهذه "العبقرية الفرعونية". أعرف أن معسكر "لا" به أحزاب و جمعيات حقوقية و تنظيمات كثيرة لكنها جميعا – حسبما أعلم – عملت في هذه المعركة كلجان شعبية بنفس الروح و الديمقراطية و الفاعلية. تقول أغنية فلسطينية ثورية قديمة "بارودتي دراعي اليمين و رصاصي حبات العيون .. و أبويا قالي يوم ما مات أتعلموا من الزيتون" و بالنسبة لنا فلجاننا الشعبية هي ذراعنا اليمين و حبات العيون فهي سلاحنا الأمضى. و لذا فأن كل تفكير في المستقبل لابد أن يتضمن في أهم بنوده دعم و نشر اللجان الشعبية. هناك معسكر يشعر أن أفضل لحظات حياته وراؤه هذا هو معسكرهم. أما معسكرنا فأمامه مستقبل عريض يتطلع إليه.

No comments:

Post a Comment