Tuesday, March 8, 2011

الاقتصاد في وضع كارثي نعم .. لكن ما العمل

الاقتصاد في وضع كارثي نعم .. لكن ما العمل

كتب الأستاذ وائل جمال مقال لقي أنتشارا واسعا بعنوان " خرافات اقتصادية فى خدمة الثورة المضادة “
http://www.shorouknews.com/Columns/Column.aspx?id=402450
و في هذا المقال يحاول الكاتب أن يبرهن علي أنه لا توجد كارثة أقتصادية كما يروج المعاديين للثورة. و رغم أتفاقي الكامل مع الكاتب علي ضرورة إستمرار الثورة إلا أني أختلف معه في نفي وجود كارثة أقتصادية. نعم هناك كارثة أقتصادية كبري و ستكون لها أثار بعيدة المدي. لكن الثورة لم تتسبب في هذه الكارثة الثورة فقط كشفتها. و ظواهر الكارثة الاقتصادية واضحة للجميع. فكيف يمكن أن يتم كل هذا القدر من النهب المنظم واسع النطاق لثروات الشعب دون حدوث كارثة أقتصادية. لقد كان أحد المحركات الأساسية للاقتصاد المصري عمليات الفساد و نهب أموال الشعب. و الأرقام الاقتصادية الباهرة التي كانت تعلنها حكومات ما قبل الثورة و يصدق عليها صندوق النقد و البنك الدولي و هم رعاه تلك الحكومات الاقتصاديين – مثلا نسبة نمو 7% عام 2008 – كل هذه الأرقام تعكس عمليات النهب. فهل يمكن للنهب أن يدفع النمو الاقتصادي؟ في الحقيقة أن النهب دفع النمو الاقتصادي في أكبر أقتصاديات العالم في السنوات الماضية و لذلك حدثت الأزمة الاقتصادية العالمية التي لم نتعافى منها بعد. و في مصر جرت الأمور علي نفس الشاكلة و لكن بدرجة أسواء. خذ مثلا مشروع مدينتي أعطت وزارة الإسكان شركة طلعت مصطفي 8000 فدان بسعر بخس ليس هذا فحسب بل الدفع بجزء من المشروع لا يتجاوز 7%. أي أن شركة طلعت مصطفي سمح لها بالاستيلاء علي الأرض. ثم قامت الشركة بجمع 18 مليار جنية من البورصة بسبب أمتلاكها هذا العقد الذي لم تدفع فيه شيئا. و قامت بأعمال بناء ثم بيع للمساكن الخ. مثل هذه العملية أنعشت الاقتصاد فالبورصة تحركت و العمال عملت في البناء و الناس أشترت و طلعت مصطفي أصبح من أصحاب المليارات و كذلك وزير الإسكان. هذا الحراك الاقتصادي منبعه الفساد. و الأمر ليس أخلاقيا مطلقا لو كان الفساد مفيدا أهلا به. لكن الاقتصاد القائم علي الفساد يحتاج دائما لدرجة أوسع من الفساد. فمنذ عصر السادات و توفيق عبد الحي و الفراخ الفاسدة و بدء تحريك الاقتصاد من خلال الفساد أخذ الفساد يتسع. بداية كان الفساد يرتكز علي القيام بأعمال تجارية مشبوهه بصمت رسمي مدفوع الأجر. ثم تحول الفساد إلي أشكال من الاحتكار مدفوعه الأجر للسلطة مثل احتكار ميناء الإسكندرية. ثم تطور الأمر لنهب مدخرات المصريين في الخارج من خلال شركات توظيف الأموال. ثم توسع الفساد أكثر ببيع القطاع العام و حتي البنوك مع العمولات الضرورية. و رافق هذا فرض إتاوات رسمية علي الصناعة. في صورة تصاريح أثمانها تصل للمليارات بالطبع يتم تعويضها من المستهلك النهائي. و أخيرا أنفجر الفساد في صورة بيع كل شيء الأرض المصايف الشواطئ. و لو استمر الاقتصاد علي نفس الوتيرة سنستيقظ ذات يوم علي بيع الإهرامات و قناة السويس و السد العالي. و هذا الحراك الاقتصادي بالمناسبة يرافقه – بل ينتج عنه - أفقار متواصل للشعب . فنسبة الفقراء سنه 2000 حسب الأرقام الرسمية كانت في حدود 16% ذادت إلي 21% في عام 2008 و هذا منطقي جدا فالحراك الاقتصادي يدفع ثمنه الشعب
أن مصر مثل أسرة يمول حاجاتها رب الأسرة من خلال السرقة فهو حرامي. و في يوم من الأيام صحي ضمير هذا الحرامي و كف عن السرقة. فتعالت الأصوات أننا سنتجه للفوضي أن اقتصاد الأسرة في كارثة أننا لا نجد الطعام الخ. و هذه الصرخات لها نصيب كبير من الحقيقة فالتوقف عن السرقة في حالة هذه الأسرة سيؤدي لكارثة أقتصادية لكن هل ننصح الحرامي بالعودة للسرقة؟
أن الكارثة الاقتصادية قائمة في الاقتصاد المصري طويلا قبل الثورة. الثورة كشفت هذه الكارثة فحسب و لو توقفت الثورة ستتفاقم هذه الكارثة. لسبب بسيط و هو أننا حتي الآن لم نضع ضوابط لمجتمع يمكنه مقاومة الفساد و استغلال النفوذ و ينبني الاقتصاد فيه علي القطاعات الإنتاجية . و من هنا أهمية الاحتجاجات القائمة الآن . الاحتجاجات مفيدة جدا للاقتصاد الجديد الذي يجب أن تبنية الثورة. فهذه الاحتجاجات تعني أن هناك فئات تضع شروطها كي تساهم في البناء الاقتصادي. مثلا حد ادني للأجور 1200 أو 1500 جنية. و قبل أن نفكر من أين سنأتي بالأموال الضرورية هناك شيء مهم جدا و هو أننا عرفنا تسعيرة العمل التي يجب أن نضعها في أعتبارنا و نحن نبني أقتصادا جديدا
باحتضار الكارثة الاقتصادية ليس السبب فيها الثورة بل أن الثورة نجمت عن الكارثة الاقتصادية. و أذا كان من الحتمي أعادة بناء الهيكل السياسي فالحتمية أكبر بالنسبة للهيكل الاقتصادي. و توقف الثورة بدون أستكمال تلك الهياكل التي شرعنا في هدمها يعني الدخول في مستوي غير مسبوق من الكوارث.

No comments:

Post a Comment