Sunday, February 27, 2011

لماذا أنا ضد المادة الثانية من الدستور المصري

لماذا أنا ضد المادة الثانية من الدستور المصري

تنص المادة الثانية من الدستور المصري علي "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. “

1 – ما هو مصدر التشريع؟ في الدساتير الديمقراطية مصدر التشريع هو الإرادة الحرة لممثلي الشعب. مصدر التشريع هو ما يقرره الشعب عبر ممثليه المنتخبين بحرية. وضع أي مصدر آخر للتشريع يعنى الحجر علي حرية الشعب في التقرير. يعني وضع سلطة أعلي من سلطة الشعب. و هذا شيء منافي للديمقراطية و يهدر حقوق الشعب بصرف النظر عن كون مصر شعب به أقلية مسيحية أم لا. لو كان مصدر التشريع الشريعة المسيحية أو غيرها لكان لي نفس الاعتراض. و المادة الثانية لذلك تتعارض مع المادة الثالثة التي تقر أن "السيادة للشعب وحدة"

2 – المادة الثانية تقر أن المصدر الرئيسي للتشريع هو "مبادئ" الشريعة الإسلامية. فما هي هذه المبادئ؟ هذا أمر محل خلاف كبير بين الفرق الإسلامية المختلفة حتي ضمن السنة أو الشيعة. لا توجد وثيقة محددة يجمع عليها الجميع تمثل مبادئ الشريعة. حتي القرآن لا يعتبره معظم الفقهاء وحده مصدر مبادئ الشريعة – بل القرآن هو أحد مصادر الشريعة - و يضيفون ألية أشياء كثيرة. فكيف يمكن أحالة مصدر التشريع في الدستور إلي مصدر غير محدد؟ و غير واضح؟

3 – أذا كانت "مبادئ الشريعة الإسلامية" غير محددة لدي كل إنسان و حتي لدي كل مسلم و حتي لدي كل مسلم سني. يصبح من يستطيع تحديد هذه المبادئ لهم وضع مميز بالنسبة لباقي الشعب. و هم بالطبع رجال الدين الإسلامي السنة. فهم من يمكنهم تقرير ما هي مبادئ الشريعة . لذا تجدهم يدافعون عن المادة الثانية بكل قوة لانها أمتيازا لهم عن باقي الناس. المادة الثانية تجعل طائفة رجال الدين فوق باقي الشعب. و لذلك تتعارض مع المادة 40 التي تقر "المواطنون لدي القانون سواء" و مع المادة 8 التي تقر "تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين". و أذا أفترضنا جدلا أن تلك المبادئ معروفة لكل مسلم و متطابقة بينهم جميعا فلم ينص عليها ألن يقوم ممثلي الشعب المسلمين بمراعاتها تلقائيا حينما يقررون شئون الوطن؟

4 – يقول بعض المفسرين أن المادة الثانية وضعت موجهة إلي المشرع. بمعني أن علي المشرع أن يلتزم بالشريعة فيما يضعه من قوانين و تشريعات. و رغم أن المادة مطلقة و لا توضح ذلك صراحة كأن تقول مثلا و علي المشرعين الالتزام بالشريعة، رغم ذلك تظل المادة تضع أصحاب السلطة – أي المشرعين – تحت سلطة مبادئ الشريعة التي أوضحنا أنها لا تعني سوي رجال الدين. أن تجعل الانتخابات لغو فارغ طالما أن رجال الدين هم الذين يقررون في النهاية ما هي مبادئ الشريعة. تماما مثل الوضع في أيران.

5 – مصر دولة مزدوجة الديانة – مسلمين أغلبية و مسيحيين أرثوذكس أقلية – غير ديانات آخري كثيرة و المادة الثانية بوضعها أن "الإسلام دين الدولة" تضع كل غير مسلم خارج هذه الدولة. و هو نص تمييزي تماما يتعارض مع كل المواثيق الدولية و مع الدستور المصري نفسه. و تنص المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان علي "كل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، ". و مما يؤكد علي تميزية مقولة "الإسلام دين الدولة" أن في الحقيقة ليس لأي دولة أي دين من أي نوع. الأديان متعلقة بالبشر مثل الإخلاص و الوفاء و الخ. كلها أمور تتعلق بالبشر و ليس بأجهزة أو مؤسسات. فمقولة "الإسلام دين الدولة" ليس لها أي معني إلا التمييز ضد غير المسلمين. و كي تضح الصورة يطلب من كل من يدين بدين الإسلام أن يصلي 5 مرات يوميا فهل تصلي الدولة؟ و يتعارض هذا النص أيضا مع المادة الأولي من الدستور التي تنص علي "جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي يقوم علي المواطنة" لان المواطنة لا تتوافق مع تمييز دين ما. و تتعارض هذه المادة مع المادة الخامسة من الدستور التي تنص علي "لا تجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أي مرجعية دينية أو أساس ديني" و مع المادة 40 التي تنص علي "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. ”

6 – هناك أكاذيب كثيرة تروج حول المادة الثانية و منها أن بإلغائها يتقلص دور الدين و الإسلام. و هذا غير صحيح بالمرة فمصر لم تعرف المادة الثانية بحالتها الراهنة إلا في أول السبعينات فهل لم نكن متدينين لمئات السنين؟ و حتي عندما لم يكن لدينا دستور علي الإطلاق هل لم نكن متدينين. أن هذه الأكذوبة يروجها رجال الدين المستفيدين من المادة الثانية

7 – أكذوبة أخري أن الشريعة الإسلامية هي قانون سماوي. و هذا تجهيل لأن الشريعة الإسلامية وضعت بعد قرن علي الأقل من ظهور الإسلام و وضعها بشر حسبما فهموا الدين الإسلامي و حسبما فهموا ظروف عصرهم. فهي ليست سماوية مطلقا.

8 – أكذوبة آخري هي أن الشريعة الإسلامية هي السبب في تقدم المسلمين في الماضي. و هذا أيضا كذب فالشريعة لم توضع إلا بعد فترة طويلة من تقدم المسلمين. و هناك دول كثيرة تتبع الشريعة منذ سنوات طويلة مثل باكستان و السعودية و مصر و السودان. فهل تقدمت هذه الدول أم تخلفت و تمزقت ؟ و لا توجد أي دولة متقدمة حاليا تضع الدين كأحد أركان التشريع لديها أيا كان هذا الدين.

9 – أكذوبة رابعة و هي أن الشريعة بها إجابة علي كل سؤال! فحتي الأسئلة الجوهرية -مثلا نظام الحكم- لا توجد إجابة شافية علية في الشريعة و أختيار الخلفاء الأربعة الأول – في العصر الذهبي للإسلام - كل مرة تم بطريقة مختلفة! فلا يوجد نظام سياسي أسلامي و قد أوضح هذا الشيخ علي عبد الرازق في كتيبه الإسلام و أصول الحكم في مطلع القرن العشرين.و لا يتسع المقام هنا لكن لا يوجد أيضا لا نظام أجتماعي و لا أقتصادي إسلامي

10 – أكذوبة رابعة أن المادة الثانية تحفظ هوية مصر الإسلامية. تاريخ مصر علي أقل تقدير 5 الأف سنة و تحول مصر للإسلام تم منذ ألف سنة – لم يتم التحول للإسلام عقب الفتح العربي مباشرة علي عكس ما يعتقد الكثيرين – أي أن الفترة الإسلامية هي فقط خمس التاريخ المصري أو 20% منه. فكيف يفترض أن الهوية المصرية "إسلامية"؟ ثم أن هذا النص عن إسلامية الدولة لم يوضع إلا في دستور 1923 لأول مرة فهل كنا بلا هوية قبل ذلك؟ و هل كنا بلا هوية حينما لم يكن لدينا دستور علي الإطلاق. و أذا كان المراد هو الحفاظ علي الهوية لما لم يقال هذا بوضوح. كأن يقال مثلا أن الدين الإسلامي هو مكون رئيسي للهوية المصرية أو عبارة شبيهة بعيدا عن ربط ذلك بالتشريع

و هناك أعتراضات أخري كثيرة علي المادة الثانية منها أنها منبع التمييز ضد المرأة في الدستور (المادة 11) و منها أنها تجعل الدولة قيما علي الشئون الدينية (المادة 12 و 19) بينما هذه الشئون هي ملك صرف لكل إنسان و لا يجب أن تتدخل الدولة فيما ليس لها و إلا عد هذا طغيانا.
لقد وضع السادات النص الحالي للمادة الثانية لأسباب سياسية محضة و هي تحديدا أن يساعده الإخوان في التخلص من المعارضة الناصرية و اليسارية و ألا يعارضوا مسار الاستسلام الذي أدي لكامب ديفيد. و هذا ما حدث فعلا. فلا يوجد أي شيء أسلامي أو ديني حقيقة حول وضع المادة الثانية بصورتها الحالية.
و لن تجد نقاشا موضوعيا عن المادة الثانية لدي المدافعين عنها ستجد فقط تهديدات و أتهامات بالكفر و ما أشبه لسبب بسيط أنها مادة تضع رجال الدين الإسلامي – الذين يسمون أنفسهم دعاه- فوق باقي البشر.

موقع الدستور المصري

5 comments:

  1. كان الله في عون الكاتب
    اني اشفق عليه ان كانت هذه نظرته للمادة الثانية

    ReplyDelete
  2. طيب ياللي بتاهجم المادة الثانية من الدستور ابقي اقرا نص المادة الاولي من القانون المدني اللي اتعمل سنة 1949 يعني قبل الثورة واقرا شرحه للدكتور عبد الرازق السنهوري باشا

    ReplyDelete
  3. يحتوي المقال على اخظاء كثيره ولكن سوف اسرد هذا الخطأ الفادح
    أكذوبة أخري أن الشريعة الإسلامية هي قانون سماوي. و هذا تجهيل لأن الشريعة الإسلامية وضعت بعد قرن علي الأقل من ظهور الإسلام و وضعها بشر حسبما فهموا الدين الإسلامي و حسبما فهموا ظروف عصرهم. فهي ليست سماوية مطلقا.
    سبحان الله ... ماهي الشريعة ؟ فهي القران والسنة وان وجد شيء حديث او مستحدث لم يوجد فيهما فهذا يخضع للاجتهادات حتى موضيعها يؤخذ منهم ويرد وتختلف من زمن للاخر بحيث تناسب الزمن
    مصر لم تكن ليبرالية ولا شيوعية ولا علمانيه حتى على المستوي الشعبى فهى اسلاميه ان شاء الله وهذا ما تثبته الايام القلائل القادمة ودستونا اسلامي بحت ان شاء الله .. فهل القران والسنه كانوا بعد قرن من الاسلام عجبي
    قال تعالى (( ان الحكم الا لله )))

    ReplyDelete
  4. للمعلق السابق .. الشريعة الإسلامية ليست هي القرآن و السنة فحسب بل أيضا أجماع العلماء و هذا البند الأخير يمثل الاغلبية الساحقة من كتب الشريعة . و لم تكن تلك الكلمة "الشريعة" مستعملة في الايام الاولي من الاسلام . و الحكم لله فعلا لكن تعالي الله عمن يتحدثون بأسمه .. فأرجو أن تعود للاصول و تعرف ما هو تعريف الشريعة الاسلامية

    ReplyDelete
  5. شريعة يعني شرع والشرع مدون في كتاب الله واتباع سنة نبيه سواء أكان في الحدود ولا يكون تنفيدها الا في حدود تخلو من الشبهات ويكثر فيها الرحمة فيترك الحد ولا ينفد بوجود شبهة ولو صغيرة .. ونحن لا نفرح بالحدود والله نفسه لم يذكر في كتابه قطع اليد ولا رمي الزاني المحصن لأنه ليس سعيدا بذلك ولكنه الله الذي يعلم ومن اجل المجتمع البشري وجعل لتك الحدود شروط فلا تنفد الا في حدود ضيقة جدا ، فقط لتحقق العبرة فهو اعلم بعباده .. والشرع في الامور السياسية كثير في القرآن والذين يقولون ان في القرآن ترهيب فهذا ليس صحيح فلكل آية مناسبة وحدث نزلت لاجله واما الله فاسمه السلام ولو انه شد قليلا فقط لينجو عباده فهو يحبهم كانوا مسلمين او غير مسلمين فكيف نخشى شرع الله وهو حبيبنا ومولانا فإذا اعرض عنا فمن يبقى الناس الذين تتقلب قلوبهم الضعفاء الذين يحتاجون هم انفسهم الى الله.. وثمة شرع في الامور الاقتصادية والتعاملات التجارية التي حرم الله فيها الربا واكد على تدوين المعاملات التجارية بالشهود وعلى الزكاة وبيت مال المسلمين .. ثمة شرع في كل شيء لكن من يقرأ ماذا يريد الله .. ومن يسأل : لماذا قلت هذه الكلمة يارب وهذه الاية ماذا تريدمنا بها .. واني لأعترف اني من العصاة لكني لا انكر ابدا حق ربي علي وعلى الكون الذي خلقه ..

    ReplyDelete