Saturday, December 25, 2010

إذا ما العمل؟ حزب الجبهة الشعبية

إذا ما العمل؟
حزب الجبهة الشعبية
السؤال التقليدي الذي تبدأ و تختم به كل نقاش يساري حول الأوضاع و المصير. و جمال هذا السؤال أنه ليس من أسئلة المعلومات فلا أحد يستطيع أن يقول أنه "يعرف" ما العمل أقصي ما يمكن قوله هو أن "يعتقد" أو "يظن" الفرد أو الجماعة أن هذا أو تلك هو الإجابة. فالإجابة الحقيقية ستعرف بعد تحققها و بعد موافقه الواقع فضلا عن المناضلين عليها. أنطلاقا من هذا الفهم أضع هنا ما أتصور أنه إجابة علي هذا السؤال المحوري.و لن آتي بشيء جديد فقط سأوضح موقفي مما طرح مرار من قبل و كيفية تحقيقه.
بداية كي يمكن الإجابة علي السؤال يجب أن نجيب عن سؤال آخر و هو ما الهدف؟ و لكنني سأحيل الإجابة عن سؤال الهدف إلي مقال لاحق لأسباب ستتضح في حينها. كما كتبت من قبل (9) فقط أوصف الهدف هنا بانه من ناحية رفع نصيب الشعب من السلطة و الثروة و من ناحية آخري زيادة مستوي تواجد اليسار وسط الشعب.
ما هي القضية؟
في مقال سابق(10) توصلنا إلي أن المطروح علي اليسار المصري يختلف كيفيا حاليا عما طرح عليه طوال القرن الماضي بسبب تبدل مواقع الرأسمالية الحاكمة. و أن العائق الرئيسي أمام ازدهار اليسار هو ضعف مستوي تنظيم الطبقات الشعبية. و يجب أن نوضح هنا أن الطبقات الشعبية دائما تتمتع بشكل ما من التنظيم. فنجيب محفوظ في حارته يصف لنا الحارة المصرية علي شكل علاقات تنظيمية دقيقة و معقدة رغم أنها غير مكتوبة و لا يٌفصح عنها. فالحارة هي فتوات و حرافيش و سادة و أتباع كل يعرف دوره و يؤديه أو يتمرد عليه لكنه واضح لكل من له عينين. من ناحية آخري فالتنظيم الطبيعي للبشر يتخذ طابعه من طبيعة الفاعليات التي يقومون بها. فحينما يكون الاحتجاج و التظاهر و الدفاع عن الأرض أو المطالبة بماء الشرب تتخذ تلك التنظيمات غير المرئية طبيعة كفاحية نضالية. و في أحوال آخري لا تكون كذلك. ففي أي مصنع يعرف العمال من هم عملاء الإدارة و الأمن و من هم الشرفاء و من هم الثورجية و من يمكن الوثوق به و من يحسن الابتعاد عنه. و هذا الاختيار الطبيعي هو الذي يجعلهم يلتفون حول قادتهم الطبيعيين في اللحظات الحرجة
و طبيعة الحركة الشعبية الآن هي طبيعة أقتصادية. و أستأذن القاري هنا بأن أتوقف قليلا لبحث ما هو أقتصادي و ما هو سياسي لان تلك القضية بها بعض التشوش
المقتطف الطويل من ماركس (8) يوضح أن الفرق بين النضال الاقتصادي و السياسي لا يعتمد علي موضوع النضال و لكن علي مستواه.ما هو سياسي هو ما يعبر عن طبقة بكاملها في مواجهه باقي الطبقات. ما هو أقتصادي هو ما هو جزئي و متعلق بهذه الشريحة أو تلك. فرفع الأجور ليس مطلب أقتصادي أذا كانت تطالب به طبقة أو طبقات كاملة و تعمل علي جعله جزءا من نظام المجتمع من خلال قوانين و تشريعات.لأن السياسية هي حركة الطبقات و ليست العلاقات الخارجية.و بهذا المعني يظل النضال الاحتجاجي في مصر نضال أقتصادي لكنه قابل جدا للتحول إلي نضال سياسي متي ما أستطعنا أن نوحد الجهود حوله و نعمقه.
فما هو الواقع التنظيمي الحالي للحركة الجماهيرية و لليسار؟
ما هو المتاح حاليا
تنقسم الحركة الجماهيرية بشكل عام للحركة الاحتجاجية الدفاعية و حركة الحريات العامة الهجومية. و هناك أنفصال طبقي و علي مستوي الشعارات بين الحركتين.و ساد أعتقاد بين صفوف حركة الحريات العامة أنه من الممكن جذب الحركة الاحتجاجية إلي صفوفها و أن مظاهرة مليونية ستسقط النظام. و لم تستجب الحركة الاحتجاجية لمثل هذا الطرح. و عدم أستجابة الطبقات الشعبية واضحة الأسباب. فحركة الحريات العامة تتعامل بتعال واضح مع مجمل الشعب و تتصور أنه يمكن للشعب أن يستجيب لها و هي حتي لا ترفع مطالبه أو ترفعها علي أستحياء و أحيانا حتي بشكل أنتهازي. ثم أن الحركة الاحتجاجية لا يجمعها رابط حقيقي مع حركة الحريات العامة. علي كل حال أصبح من الواضح أنه بدون دمج الحركتين لا يمكن لقضايا الحريات العامة أن تتقدم. و من ناحية آخري فأن الحركة الاحتجاجية تمضي وفق عشوائية الدفاع عن الأجور إلا في مواقعها الأكثر تقدما. و يهمنا أن نرصد مستوي تنظيم تلك الحركة.
لدينا حاليا كما كبيرا من التنوع التنظيمي و القائمة التالية لا تعكس تحبيذا أو تقليل للأهمية فقط هي محاولة لتصنيف هذا التنوع الكبير الذي من المؤكد لم تشهده مصر منذ 52
1- تنظيمات جماهيرية ناضجة مثل النقابة المستقلة للضرائب العقارية و مثل جمعية أهالي طوسون. و هي تشترك في كونها لها شكل مؤسسي ديمقراطي واضح و هي بالفعل تنظيمات لأوسع جمهور في موضوع التنظيم
2 - تنظيمات نصف جماهيرية مثل حركة 9 مارس و أطباء بلا حقوق و حركة حقي الخ و هي تشترك في أن رغم أن لها شكل مؤسسي محدد إلا أن وجودها الفعلي وسط الجمهور المعني – حسبما أعلم – محدود لكنه ليس منعدما و هذه قائمة طويلة يمكن أن يضم لها نقابة المعلمين المستقلة و أصحاب المعاشات و أتحاد العاطلين الخ
3 - تنظيمات جنينية و هذه أيضا بلا عدد فيكاد يكون كل موقع للغزل و النسيج به قيادات عمالية برزت أثناء هذا الاحتجاج أو ذاك. نفس الشيء يقال عن كل المواقع التي وقعت بها أحتجاجات في العشر سنوات الماضية من إسكندرية إلي أسوان و هي مواقع كثيرة جدا عمالية و للموظفين و فلاحية. فكل أحتجاج لا شك كان وراؤه قيادات تلقائية وثق فيها أصحاب الاحتجاج أذا كانت النقابات العمالية و المهنية تابعة تماما للنظام أو حتي غير قائمة بالمرة أحيانا كثيرة
4 - تنظيمات حقوقية و هي الجمعيات المشهورة و هي لا سياسية و لا جماهيرية لكن لها دور كبير في مساندة الحركة (قانونيا و إعلاميا) فهي بمعني ما لها دور خدمي للحركة و أن كانت ليست منها
و تلك الأشكال المتعددة في أحوال متباينة من النشاط أو الخمول. فمثلا الحركة الجبارة لدمياط ضد مصنع أجريوم التي ربما ضمت عشرات الألف ربما لم يتبقى منها الكثير الآن رغم من أتساعها و تألقها و فرادتها.
أن واقع التنظيم الجماهيري يشير إلي حقيقتين أولهما أن هذا التنظيم محدود و قليل و ثانيهما أن أحتمالات توسعه و تعمقه كبيرة جدا. أننا أمام جبل جليد يبدو قسم صغير منه علي السطح و هو التنظيمات الجماهيرية الناضجة بينما تحت السطح القسم الأعظم منه و هو قابل جدا متي توفرت الشروط المواتية للنضوج و التبلور

فما هو واقع اليسار من الزاوية التنظيمية و السياسية؟ مرة أخري هذا التصنيف لا ينحاز لأي طرف دون آخر هو فقط محاولة للرصد الموضوعي لواقع اليسار.
1 - لدينا قوي يسارية عديدة منظمة في مستويات متباينة و لكنها جميعا -بل حتي لو جمعت – لا تشكل إلا قسما صغيرا جدا من القوي السياسية ناهيك عن أن تواجدها وسط الشعب محدود جدا و أن كان غير منعدم
2 - لدينا أفراد كثيرين غير منظمين ينتمون لليسار و يشاركون أحيانا في النضال حسبما تسمح الظروف
3 - لدينا عدد أكبر من الشباب الذين يمارسون النضال ذو الطابع اليساري و لكن بعضهم لا يصنفون أنفسهم كيساريين . و منهم كثيرين يرفضون "الأيديولوجيا" و منهم من ينتمي تنظيميا إلي جهات غير يسارية
4 - سياسيا و فكريا هناك تنوع كبير من الشيوعيين التقلديين إلي التروتسكيين الي اليسار الراديكالي إلي الأناركيين و اليسار الجديد الخ. لكن – وهذا تقدير شخصي- مستوي العمق الفكري و السياسي ضحل جدا كما يوضح مستوي الأدبيات المتوفرة. باختصار ليس لدينا أو لدينا عدد محدود جدا من القادة الفكريين و السياسيين لليسار.
اليسار كما الحركة الجماهيرية الاحتجاجية و حركة الحريات العامة و ربما أقل منهما يعاني من قضايا النمو. و قد جرت محاولات لتوحيد اليسار أنتهت بالفشل كما هو معلوم. و لا أتعاطف مع تلك المحاولات مطلقا لعدة أسباب. أولهما أن القضية المحورية لليسار-حاليا كما أتصور- ليست تشتته و لكنها – في تقديري – ضعف البناء الفكري و النظري. ضعف الإطلاع علي الماركسية و علي الاتجاهات اليسارية الحديثة و الضعف الأكثر في التطبيق الخلاق لهما ناهيك عن تطوير تلك المصادر. هذا ما أعتبره قضية اليسار الأولي من زاوية كونه أتجاه سياسي يتبني فكرا محددا. ثم أن التشتت له دافع موضوعي لا يمكن تجاوزه و هو واقع التباين و الاختلاف بين الطبقات الشعبية و حتي ضمن الطبقة العاملة نفسها ثم هل يوجد في العالم الواسع أي مكان لا يوجد فيه يسار مشتت؟. أن قضية وحدة اليسار قد تستخدم للالتفاف حول قضايا اليسار الحقيقية في أنضاجه فكريا و سياسيا و في حل قضية علاقته بالحركة الجماهيرية. و نفس الشيء يمكن أن يقال عن قضية "البرنامج" فمن الصحيح أننا نريد برنامجا يساريا. لكن هذا البرنامج ليس قرآنا و من الممكن أن يعدل في أي وقت. ما نريده و ما يحتاجه اليسار حقيقة هو التكتيك الثوري و هو خطة العمل و الهدف. فمثلا أنا أختلف مع يساريين كثيرين حول الموقف من الخصخصة. لكن تلك القضية هامشية جدا و يمكنني أن أتصور و ضع سياسي يجعلني أتفق معهم كما يمكنني أن أتصور وضع سياسي يجعلهم يتفقون معي. فنحن لا نهندس حركة و لكننا نستجيب لتطورات الواقع وفقا لتكتيك ثوري غائب لحد بعيد للأسف. يضاف إلي كل هذا أنه أحيانا يكون تقسيم اليسار هو الفعل الثوري المطلوب حقيقة و الأمثلة علي ذلك كثيرة. غاية ما أتصوره بخصوص وحدة اليسار هو أن يكون هناك جو من التعايش المشترك أي أن يكون هناك حوارا موضوعيا بناء بين كل الأطراف.
كيف أذا نصوغ شعار و هدف مباشر للحركة يستجيب لتلك المعطيات و يدفع قضية اليسار و الجماهير للأمام دعونا نستعرض بعض التجارب.
ما العمل عند لينين
حدد لينين في كتيبه الشهير "ما العمل" و مقاله السابق عليه "بما نبدأ" عام 1901 أمرين رئيسيين أولهما الخطة التي سيتبعها و ثانيهما وسائل تحقيقها.و قد كانت تواجهه قضية شبيهة جدا بقضيتنا و هي كيف يمكن دمج الحركة العمالية و الحركة الثورية لمواجهه الاستبداد القيصري (5)و ما هو أبعد من ذلك. و قد وضع لينين ذلك بعقل بارد يحسب بدقة المكاسب و الخسائر.و روسيا ذلك الحين مليئة بالحركات العمالية و الثورية السرية و لكنها مقسمة و مفتتة علي أمتداد المساحة المهولة (4)في عصر كان الحصان و القطار هما وسائل الاتصال الرئيسية. و بينما أنتبه كثيرين لوسائل لينين أغفلوا خطته. وسائل لينين معروفه جريدة لعموم روسيا و الحزب الثوري الحديدي. و هي وسائل تتناسب تماما مع واقع روسيا في ذلك الحين. أما خطته فقد قال " أن النظام القيصري نظام عفن من الممكن أن يسقط عند أي أزمة سياسية. واجبنا أن نكون مستعدين" (ملاحظة 5 ، 6). الغريب أن تلك الخطة تحققت تقريبا حرفيا. فهي خطة تقول أننا لن يمكننا أن نسقط النظام القيصري مباشرة. يجب أن تكون هناك أزمة سياسية تجعل الإطاحة بهذا النظام ممكنة. لكن يجب أن تأتي تلك الأزمة و نحن مستعدين و ألا أضعنا الفرصة.هذا رجل يفكر في مستوي قوته المتواضع جدا بالقياس لقوة خصمه و يحدد كيف يمكنه أن يتغلب عليه. بل أن تأمل ثورات العالم يجد أن القاعدة أن الأنظمة تسقط حينما تلم أزمة و تكون هناك قوة مستعدة.في مصر مثلا نشأت أزمة سياسية طاحنة في مطلع 52 – مما أدي لحريق القاهرة – و كانت هناك قوة مستعدة هي تنظيم الضباط الأحرار. و كانت هناك قوة غير مستعدة هي مجمل المنظمات اليسارية. أن خطة لينين تبدو كما لو كانت وضعت لمصر في هذا العصر. المطلوب أذا طبقا للينين هو “ ربط الاشتراكية الماركسية... بالحركة العمالية الروسية”.و حينما سنتحدث عن أمريكا اللاتينية المعاصرة سنجد نفس القضية و سنجد لها حلول مختلفة تناسب المكان و الزمان. لا يمكن تصور أي تطور لقوة الثورة دون أن تكون هناك حركة عمالية – أي حركة نقابية راسخة الجذور – و بشكل عام حركة شعبية – فلاحية موظفية طلابية أقليات – متطورة و مرتبطة في نفس الوقت بالحركة الثورية اليسارية – الماركسية.و قد طور لينين موقفه بعد ذلك حينما طرح قضية تحالف العمال و الفلاحين.فلم يعد العمال وحدهم ركيزة الحزب الثوري.
الحل اللينيني يستند إلي تنظيم المحترفين الثوريين هذا التنظيم يضم أفضل عناصر الطبقة العاملة أي أنه تنظيم يقف علي قاعدة من تنظيمات شعبية نقابات و جمعيات و حلقات يخوض العمال من خلالها نضالهم ضد رأس المال و يتربون بالشكل الذي يؤهلهم لعضوية تنظيم المحترفين الثوريين. أو قل أن تنظيم المحترفين الثوريين هو القلب الذي يمد الجسد بالدم و يستمد منه غذاؤه. هذه طبيعة العلاقة كما رآها لينين. و هي تشابه و لكنها تختلف عن الوضع في أمريكا اللاتينية و في أماكن آخري
ما العمل في أمريكا اللاتينية
بالطبع هناك تفاصيل كثيرة جدا و لا أدعي الخبرة في شئون الحركات الشعبية و الثورية في أمريكا اللاتينية. و بالطبع أيضا لم تتحرر أي من مجتمعات أمريكا اللاتينية من الاستغلال الرأسمالي. لكن هذا ليس كل القصة ملاحظات (1,2,3). لقد أستطاعت شعوب كثيرة في أمريكا اللاتينية أن تحقق أختراقا واضحا في نصيب الطبقات الشعبية من الثروة و السلطة. فعلي سبيل المثال في البرازيل – أقل تلك الدول راديكالية- أستطاع سلفيا دي لولا الرئيس المنتخب و زعيم حزب العمال تقليل نسبة الفقر بمقدار 10% في نفس الوقت الذي تفضل النظام في مصر بزيادتها من 16% الى 21%.لقد عرفت أمريكا اللاتينية حقبة جيفارية – نسبة إلي الزعيم الثوري جيفارا- أشتملت علي كفاح مسلح أنتهي بالإخفاق أمام الديكتاتوريات العسكرية ذات الطبيعة الفاشية المدعومة من الإمبريالية الأمريكية. و قبلها فشلت الأحزاب الشيوعية التقليدية في دفع قضية الشعب للأمام.و منذ الثمانينات بدأت تتشكل تنظيمات يسارية أكثر أنفتاحا علي العمل الجماهيري و ظهرت تنظيمات جماهيرية – نقابية و حركات حقوق السكان الأصليين – و كان من المنطقي أن توحد تلك التنظيمات اليسارية و الجماهيرية جهودها أما بشكل واضح مثل حزب العمال البرازيلي أو بشكل ضمني. أي أن أمريكا اللاتينية واجهت نفس القضية التي واجهها لينين قضية دمج الحركة اليسارية بتلك الشعبية تماما كما نواجهه نحن اليوم في مصر.و في أمريكا اللاتينية كان واضحا منذ اللحظة الأولي -فهناك خبرة متراكمة – أن تحالفا طبقيا سيقود التغيير – أختلف هذا التحالف حسب مستوي تطور البلد فبينما يغلب العمال و الفقراء في البرازيل يغلب الفلاحين و السكان الأصليين في بوليفيا.
الحل اللاتيني لقضية علاقة النقابي بالسياسي هو تماما مثل حل روسيا في بداية القرن يشكل حجر الزاوية لتطور النضال و لكن الحل نفسه مختلف. فالعلاقة هنا هي علاقة تحالف أكثر من كونها علاقة قيادة المنظمة السياسية للمنظمة النقابية.
تصور حول ما العمل في مصر
أننا نشهد نفس الظاهرة، ضرورة دمج النضال اليساري بالنضال الجماهيري. و أجابتنا علي هذا السؤال يجب أن تتحدد حسب الواقع الاجتماعي المصري. من الضروري الاستفادة من تجارب الآخرين و فهمها لكن الأساس أن نعبر عن واقعنا نحن.نحن أيضا مثل روسيا في أول القرن القرن الماضي نعاني من ظاهرة "يوجد ناس كثيرين ..لكن لا يوجد ناس". أن مستوي كل من التنظيم اليساري و الجماهيري متدني. لكن التنظيمات الجماهيرية تتميز بأن أفق توسعها الضخم قائمة بينما اليسار أمامه قضايا كثيرة يجب حلها. لذا فواجبنا هو بناء كل من الحركة اليسارية و بناء التنظيمات الجماهيرية و دمج المطالبة بالحريات العامة مع الاحتجاج في نفس الوقت.أن قضيتنا ليست فقط توحيد المتفرق لكن أيضا بناء ما لا يوجد أصلا أو ما يوجد كاحتمال فقط. و بالنسبة لمصر فأن تحالف العمال و الفلاحين حتما يمتد للموظفين و مهمشي المدينة و القرية. لذا فأنني أعتقد أن نموذج أمريكا اللاتينية هو الأفضل لنا أو هو الذي قد يمكننا ذات يوم من الوصول إلي نموذج لينين. لذلك فجوابي علي سؤال ما العمل هو تأسيس "حزب الجبهة الشعبية”. و هو حزب شعبي واسع جماهيري يضم في عضويته أفراد و جماعات. و يأخذ علي عاتقه مهمة تنظيم الحركة الجماهيرية من خلال تشجيع و مساندة كل نقابة و جمعية تنشأ. و هو حزب ذو برنامج شعبي بسيط جدا يقبل به الغالبية من الناس. هو حزب يمثل من ناحية تحالف طبقي شعبي بين العمال و الفلاحين و الموظفين و العاطلين و من ناحية يمثل مجالا للنضال اليساري من أجل بناء و تطوير مواقف شعبية تجاه قضايا الشعب. و يمثل أساسا لارتباط حركة الحريات العامة بالحركة الاحتجاجية. و أظن أن عدد من الرفاق قد طرح فكرة مماثلة و أن كنت للأسف لم أطلع علي تفاصيل بهذا الخصوص.
ما يميز هذا الحزب -كما أري- هو أنه يضم في عضويته منظمات جماهيرية – نقابات جمعيات روابط الخ- و يسعى كي ينشئ مثل تلك المنظمات.ومن هنا كلمة الجبهة في أسمه. تصور مثلا أن الممرضات في مستشفي في المنصورة قررن أنشاء رابطة لهن لتحسين مستوي المعيشة و مطالبهن الأخري من خلال الاحتجاج. أفترض أيضا أنهن لا يردن ممارسة السياسة و ينظرن بشك للسياسيين. سيتوجه حزب الجبهة أليهن و يطلب منهن الانضمام أليه كما هم دون فرض أي قيود علي حركتهم المستقلة فقط سيطلب منهن الديمقراطية الداخلية و عدم تلقي تمويل أجنبي و في المقابل سيتيح لهن أن يقررن مصير حزب الجبهة نفسه كمشاركين فيه لهم كافة الحقوق. و سيتيح لهن الارتباط بمجمل الحركة الشعبية بشكل مؤسسي واضح. و أذا لم يشكلن رابطة سيدعوهن الحزب لبناء تلك الرابطة أو الانضمام لرابطة قائمة كما يدعوهن في كل الحالات للانضمام كأفراد. أن هذا الشكل الجبهوي يجب أيضا أن يتسع لحركات الشباب و للتنظيمات السياسية. فمن الممكن لشباب خالد سعيد أن يكونوا تنظيما من تنظيمات الحزب يحافظون علي أستقلالهم و لكن في نفس الوقت يرتبطون بأهالي طوسون و عمال الغزل. أنه كمثل المؤتمر الوطني الأفريقي الذي قاد النضال ضد الابارتاهيد.و جبهات عديدة أخري و ما تسميته بالحزب إلا كي تعطيه أمكانية الانتخابات و غيرها من القضايا الحزبية. و لكن ليس من المحتم تسميته بالحزب قد يسمي حركة أو جبهة الخ.
في قسم "برنامج مقترح" يوجد تصوري للبرنامج السياسي و التنظيمي للحزب المقترح. و هو برنامج كما تلاحظ بسيط جدا و تتصدره مطالب الشعب. و من الممكن تعديل هذا البرنامج شريطة أن يظل بسيطا و مباشرا و يتماشى مع المطالب الشعبية و في نفس الوقت لا يغلق الباب أمام التطوير اللاحق له. و أيضا البنيان التنظيمي بنيان ديمقراطي واضح يتيح حرية الحركة للأقسام المكونة للحزب.
يثور هنا سؤال هام و هو كيف يؤدي جلوس ممثلي اليسار مع ممثلي الحركة النقابية مع ممثلي الشباب الخ إلي تعميق تنظيم الجماهير؟ ألا يمكن أن يتحول هذا الكيان إلي أحد الكيانات الكثيرة القائمة؟ بالطبع لا توجد ضمانة مانعة لهذا المصير. فالأمر يعتمد علي نضال كل جهة و فرد.لكن وجود جبهة ديمقراطية من هذا النوع أولا تجعل هناك عنوانا لكل أحتجاج. بمعني أن يصبح هناك كيان يلجا ألية و يقتفي أثرة كل محتج. ثانيا أن علي هؤلاء الذين سيجلسون إلي المائدة أن يضعوا و من ثم يقوموا بعمل قصدي لبناء التنظيمات الجماهيرية مستعينين بكامل قدرات الحركات الجماهيرية. أي أن يضعوا خطة عمل محورها بناء تلك المنظمات بمشاركة الجميع.لا يوجد بديل للنضال لكن توجد وسائل لإدارته بشكل أفضل.
برنامج مقترح
حزب الجبهة الشعبية هو حزب شعبي ديمقراطي يختلف كثيرا عن كل الأحزاب القائمة. فحزب الجبهة لا يسعى فقط لضم أفراد لصفوفه بل يسعى أكثر من أي شيئ لضم المنظمات المستقلة للشعب المصري لعضويته مثل النقابات و الروابط و الجمعيات. و يسعى لأن يكون الصوت المعبر عن كل مصرية و مصري يكافح لمستقبل أفضل له و للوطن
1 - يناضل الحزب لرفع الحد الأدنى للأجور لمستوي يحقق الحياة الكريمة لكل مشتغل كما يسعى لإقرار أعانة بطالة لكل من يبحث عن عمل و لا يجده
2 - يناضل من أجل أن يبلغ الأنفاق علي التعليم و الصحة 15% علي الأقل من الميزانية العامة للدولة و هو حاليا لا يتجاوز 6%
3 - يناضل من أجل أصدار و تفعيل قانون ضد الفساد و المفسدين و ناهبي ثروات الشعب. يشمل الجميع من أعلي منصب و يجعل جريمة الفساد غير قابلة للتقادم و يسعى إلي أسترجاع الثروات التي نهبت
4 - يعتقد الحزب أن الشعب أقدر علي أدارة شئونه المباشرة من الحكومة مثل التعليم و الصحة و المواصلات لذا يسعى لان تكون المحليات أجهزة حقيقية للسلطة منتخبة بشكل نزيه و لأن يكون كل منصب من العمد إلي المحافظين بالانتخاب
5 - يعتقد أن المصريين يجب أن يكونوا متساويين تماما في التمتع بخيرات مصر سواء في الصعيد أو بحري في سيناء أو النوبة. و يعتقد أن المناطق التي أهملت طويلا يجب أن تلقي حظا أكبر من الاهتمام
6 - يعتقد أن النساء و الرجال متساويين تماما في الحقوق و الواجبات و أن علي المجتمع أن يبدي رعاية خاصة للأطفال منذ الحمل.
7 - يعتقد أن المسلمين و المسيحيين المصريين أخوة يشكلون شعبا واحدا منذ بناء الأهرام و يجب أن تكفل القوانين الحقوق الدينية المتساوية لكل مصري و لا يوجد منصب عام لا يمكن أن يشغله مسيحي
8 - يعتقد أن للشعب حق طبيعي في تشكيل جمعيات و أحزاب و نقابات و في التجمع و التجمهر و الأضراب و الاحتجاج و هي حقوق لا يمكن سلبها بأي صورة
9 - يعتقد أن الإمبريالية و الصهيونية أعداء ألداء للشعب المصري و سبب أصيل لتدهور حالته المعيشية و يناضل دون هوادة ضدهما
10 - يعتقد أنه كي تستعيد مصر مكانتها يجب أن يكون الشعب المصري قادرا علي ضرب المثال لشعوب المنطقة في التخلص من الاستبداد و الفقر و الجهل و يعتقد أن الشعوب العربية و شعوب وادي النيل خاصة الشعب السوداني هي شعوب شقيقة يمد لها يد العون و يطلب عونها في نضالها لحياة كريمة
حزب الجبهة الشعبية حزبا ديمقراطيا في كل نواحي تنظيمه

1 - حزب الجبهة الشعبية حزب ديمقراطي يقبل عضوية المصريين الذين يلتزمون ببرنامجه و يلتزمون بالنضال من أجل مجمل الشعب و يدفعون الاشتراك الذي يستطيعونه و لا يتلقون دعما ماديا من الخارج بأي صورة. و لا يشترط الحزب أي خلفية فكرية أو عقائدية من أعضاؤه
2 - يقبل الحزب في عضويته الهيئات التي توافق علي برنامج الحزب و التي تلتزم بالديمقراطية الداخلية و لا تتلقي دعم مادي من الخارج. و تمثيل الهيئات في الحزب يتم الاتفاق عليه حسب عضويتها و مستوي تواجدها – الإقليمي أو القومي – و يمكن أن تمثل الهيئات في المستوي المركزي أو الفروع أو كليهما فقط يشترط أن يكون الممثلين منتخبين من هيئاتهم و هم يمارسون نشاطهم داخل الحزب مثلهم مثل أي عضو فرد. و لا يمنع أنضمام هيئة ما أعضائها من الانضمام كأفراد.
3 - أعلي سلطة في الحزب هي المؤتمر العام الذي يضم كل أو ممثلين من كل فروع الحزب و هو يعقد كل عامين
4 - ينتخب كل أعضاء الحزب – بما فيهم ممثلي الهيئات المستقلة - منسق الحزب العام و المتحدث باسمه و المسئول عن ماليته و المسئول عن نشاطه التنظيمي
5 - تنتخب كل الفروع اللجنة المركزية للحزب و أعضاء اللجنة المركزية الذين هم مندوبين من هيئات آخري يتم أنتخابهم من قبل هيئاتهم. و الفروع كذلك
6 - حزب الجبهة الشعبية يعتمد مبدأ التصويت الديمقراطي و الأخذ برأي الأغلبية لكن يسعى جاهدا للوصول للأجماع و لا يقيد حق الأقلية في التعبير عن رأيها و يمكن أحيانا للأقلية تنفيذ رأيها إلي جانب رأي الأغلبية . فحزب الجبهة يعتبر أنه لا توجد جهه واحدة تحتكر الصواب و أن التجريب جزء من عملية التعلم
7 - يعتبر الحزب منظمات عديدة حول العالم منظمات شقيقة طالما تناضل من أجل رفع الاضطهاد عن المضطهدين و يدعمها لكن الحزب لا يقبل أي دعم مالي أو مادي بأي صورة من الخارج. و تلتزم الهيئات و الأفراد أعضاء الحزب بذلك.
8 - يعتمد تمويل الحزب علي العمل التطوعي و علي تبرعات الأعضاء و علي الاشتراكات. و الاشتراكات تحدد لكل عضو أو هيئة حسب قدراته. و لا يحرم تدني الاشتراك العضو من أي ميزة و لا يمنح أرتفاع الاشتراك العضو أي ميزة
9 - كل فرع من فروع الحزب له حق أصدار النشرات و ممارسة النشاط بالشكل الذي يراه معبرا عن سياسية الحزب العامة و العلاقة بين اللجنة المركزية و الفروع هي علاقة تعاون و تنسيق و ليست علاقة قيادة و قاعدة

ملاحظات أضافية
1 - كيف كسب لولا دى سلفيا رئاسة البرازيل عام 2002؟ عن طريق حزب العمال البرازيلي. ما هو حزب العمال هو تحالف أنشئ بين الحركة النقابية المستقلة و بين التيارات اليسارية الراديكالية – اللا ستالينية – و بين مثقفين يساريين و ثوريين في عام 1980 ( البرازيل 8 أكبر أقتصاد في العالم بناتج حوالي 2 ترليون دولار سنويا حوالي 200 مليون نسمة)

2 - كيف كسب هوجو تشافز في 1998 رئاسة فنزويلا – بعد أن حاول الانقلاب مرتين علي الطراز الناصري و خرج من السجن عام 1994 – عن طريق تأييد الحركة البوليفارية – حركة الجمهورية الخامسة - و هي خليط من منظمات يسارية ثورية – علي خلاف مع الشيوعيين التقليديين – و حركات شعبية عمالية و مدينية (فنزويلا تعتبر من الدول المتوسطة مقارنة بالبرازيل حوالي 350 مليار سنويا و 30 مليون نسمة)

3 - كيف كسب ايفو مورالس رئاسة بوليفيا عام 2006 ثم مرتين بعد ذلك؟ عن طريق حزب الحركة من أجل الاشتراكية المتحالف مع نقابات مزارعي الكوكا و مع حركة السكان الأصليين (بوليفيا دولة فقيرة 45 مليار سنويا و 10 مليون نسمة)

4 - السمة الأساسية لحركتنا، البادية للعيان في الآونة الأخيرة، هي تشتتها (مشروع تصريح هيئة تحرير الايسكرا)

5 - وذلك قصد ربط الاشتراكية الماركسية، التي باتت تمد جذورا في أرض روسيا، بالحركة العمالية الروسية في كل لا يتجزأ …..أنه يفوت أوان إنشاء التنظيم في أوقات الانفجارات والغليانات؛ ينبغي أن يكون التنظيم جاهزا لكي يقوم بنشاطه على الفور (يما نبدأ)

6 - إن شعارنا في الظرف الراهن لا يمكن أن يكون «الإقدام على الهجوم»، بل يجب أن يكون: «ضرب حصار محكم حول قلعة العدو». وبتعبير آخر: إن مهمة حزبنا المباشرة لا يمكن أن تكون دعوة جميع القوى الموجودة إلى الهجوم الآن بالذات، بل يجب أن تكون الدعوة إلى خلق تنظيم ثوري أهل لتوحيد جميع القوى ولقيادة الحركة، لا بالاسم وحسب، بل بالفعل أيضا، أي أن يكون مستعدا على الدوام لتأييد كل احتجاج وكل غليان وللاستفادة من هذه الاحتجاجات والغليانات في زيادة وتعزيز القوات الحربية الصالحة للمعركة الفاصلة (بما نبدأ)

7 - ولكننا لم نقصد البتة أن نقول بهذا أنه ليس من الممكن أن يسقط الحكم المطلق إلا من جراء حصار محكم أو هجوم منظم. إن هذه النظرة هي نظرة عقائدية جامدة غبية. فالأمر بالعكس. فمن الممكن تماما ومن المحتمل أكثر بكثير تاريخيا أن يسقط الحكم المطلق تحت ضغط أحد هذه الانفجارات العفوية أو التعقيدات السياسية غير المتوقعة التي تتهدده على الدوام من جميع الجهات. ولكن حزبا سياسيا واحدا لا يسعه، إن لم ينزلق إلى المغامرة، أن يبني نشاطه على أمل حدوث هذه الانفجارات والتعقيدات. يجب علينا أن نسير في طريقنا، وأن نقوم باستقامة بعملنا المنتظم؛ وبقدر ما يقل اعتمادنا على المفاجآت، بقدر ما تزداد الاحتمالات بألاّ تباغتنا «الانعطافات التاريخية» أيا كانت. (بما نبدأ)

8 - من خطاب ماركس الى بولت فى نيويورك 11/23/1871 مختارات ماركس أنجلس، الجزء الرابع 1987 ص 138 إلى ص 124 وبديهي أن للحركة السياسية للطبقة العاملة هدفها النهائي، وهو الظفر بالسلطة السياسية في صالحها؛ ولهذا الغرض، لا بد من تنظيم تحضيري للطبقة العاملة يبلغ درجة معينة من التطور، وينبثق ويتنامى من النضال الاقتصادي نفسه.أما من الجهة الأخرى، فإن كل حركة تضاد فيها الطبقة العاملة، بوصفها طبقة، الطبقات السائدة، وتجهد للتغلب عليها بالضغط من الخارج، إنما هي حركة سياسية. فإن السعي، مثلاً، بواسطة الإضرابات وخلافها، إلى إكراه بعض الرأسماليين في مصنع من المصانع أو حتى في فرع من الفروع الصناعية إلى تقصير وقت العمل، إنما هو حركة اقتصادية بحته؛ أما الحركة التي تستهدف الإجبار على إصدار قانون بيوم العمل من ثماني ساعات، الخ.، فهي بالعكس حركة سياسية. وهكذا تنشأ في كل مكان، من حركات العمال الاقتصادية المتفرقة، حركة سياسية أي حركة طبقة تسعى وراء تحقيق مصالحها في شكل عام مشترك، أي في شكل يتسم بقوة القانون بالنسبة للمجتمع كله. وإذا كانت هذه الحركات تفترض بعض التنظيم التحضيري، فإنها من جهتها، وبالقدر نفسه، وسيلة لتطوير هذا التنظيم

9 - مقال الديمقراطية الشعبية المصرية http://egyptleft.blogspot.com/2009/03/blog-post.html
10 - مقال لما لم يزدهر اليسار http://egyptleft.blogspot.com/2010/12/blog-post.html



No comments:

Post a Comment