Tuesday, July 28, 2009

الحزب الحزب

الحزب الحزب
لأن اليسار ينطلق من أن الأفكار هي أنعكاسات للواقع فالأحزاب السياسية عنده هي تعبير عن طبقة أو شريحة طبقية. و لأن فهم اليسار لتطور الواقع هو فهم تاريخي فالأحزاب أيضا لدية هي كائنات تاريخية ربما تعبر عن طبقة ما في مرحلة معينة ثم تتحول إلي التعبير عن آخري في مرحلة آخري كله رهن بالدراسة الملموسة لواقع هذه الأحزاب و تطورها و واقع المجتمعات التي تنشأ فيها. لكن اليسار حينما يتعامل مع هيكلية و شكل تنظيم أحزابه نفسة فأنه غالبا ما ينسي أسسه الفكرية . أعنى بذلك أن هيكلية بناء الحزب اليساري في مصر عانت من تطبيق نموذج جامد مستورد لا يمت للواقع بصلة . و هذا النموذج هو ما يعرف بالمركزية الديمقراطية. و ما يعرف بالبناء الهرمي بالغ التعقيد للحزب السياسي. و أود هنا أن أضع الأسئلة و أحاول الإجابة عليها بأكثر ما يتوفر لدي من معلومات واقدم رؤية مغايرة لبناء الحزب اليساري ثم أقدم تصورا فيما أذا كانت مصر في حاجة لحزب يساري جديد أم لا.
أثبتت التجرية التاريخية لليسار المصري أن ما يسمي المركزية الديمقراطية أو الديمقراطية المركزية تفشل في أنتاج ديمقراطية حزبية حقيقية بل على العكس تماما تضع مصائر التنظيم الحزبي بيد قلة صغيرة على قمة هرم حزبي معقد تتمتع بحقوق واسعه. و ربما هذا أحد أهم أسباب ظاهرة "التشرذم" التي عرفها اليسار المصري بجانب ظاهرة "التحزب" – و هو ما اسمي به ظاهرة العداء الشديد بين التنظيمات اليسارية المختلفة رغم أنهم جميعا حلفاء طبيعيين لبعض- و تلك الظاهرتين محكومتين أساسا بالطبع بطبيعة التطور الاجتماعي في المحل الأول لكن الشكل التنظيمي المشار إليه هو تجلي لتدني هذا التطور و تشوهه.ففي ظل تحكم عدد محدود بمصائر التنظيم و غياب قدر كاف من الديمقراطية يصبح لا مفر أمام كل مختلف مع التوجهات الرسمية للتنظيم أما الانسحاب أو الانشقاق عن هذا التنظيم. و في ظل غياب ديمقراطية تصبح العصبية للتنظيم بديلا عن الاقتناع و المشاركة الفعالة في صياغة مصير التنظيم و مع العصبية يأتي العداء غير المبرر – فكريا – بين هذا التنظيم و التنظيمات الأخري المماثلة له.
و قبل تشريح بناء المنظمة يجب أن نفرق بين المنظمة الحزبية و المنظمة الجماهيرية. المنظمة الحزبية تلك التي تلزم أعضائها بتبني أتجاه سياسي و ربما فكري محدد. أما المنظمة الجماهيرية فهي تلك التي تتبني قضية أو قضايا بعينها و لا تلزم أعضائها بأي أتجاه محدد. فمثلا يمكن أن يكون ماركسي عضوا في نقابة و يكون عضوا في نفس النقابة ليبرالي أو حتي يميني محافظ. النقابة منظمة جماهيرية هدفها ترقية أوضاع المهنة و العاملين فيها لا تلزم أعضائها بآي تصور محدد لكيفية الوصول لهذه الغاية. أما ما نتحدث عنه هنا فهو المنظمة الحزبية التي يجب أن يلتزم أعضائها برؤيتها السياسية و الفكرية في معالجة أي قضية.
أن آي منظمه لا يمكنها تجاوز الآفاق التي تتيحها مكونها من الأفراد . فلا يوجد بديل عن المواهب الفكرية و النضالية للأعضاء المكونين لآي منظمه من آي نوع. غايه التنظيم هو السماح لهؤلاء الأفراد الأعضاء بإبراز أفضل ما لديهم من مواهب فكرية و نضالية و تنميتها لأوسع مدى ممكن. و من ناحيه آخري فأن غاية الشكل التنظيمي هو ربط هؤلاء المناضلين بالطبقات التي يعبرون عنها بأعمق ما يمكن بحيث يستطيع التنظيم ككل أن يتمثل هذه الطبقات و يتفهم مواقفها و توجهاتها في اللحظات المختلفة لتطور نضالها و أن يستوعب أفضل عناصرها. أن جدل الشكل التنظيمي يتلخص في خلق ذلك البناء الذي يمكن أن يلعب الدورين في آن واحد. أن يكون حاضة لتطور الطاقات الفكرية و النضالية للأعضاء بما يعنيه من أوسع ممارسة ديمقراطية و من حرية الممارسة و تبادل الآراء و من ناحية أخرى أن يرفع راية واحدة أمام الطبقات التي يدافع عنها و أمام خصومها في نفس الوقت – فضية الوحدة و التنوع - . و لا يمكن حل هذا التناقض العميق في الشكل التنظيمي بشكل عام في كل لحظة من اللحظات بنفس الطريقة. فثمة لحظات في تطور الصراع تقضي بأن يتحرك التنظيم بأقصى ما يمكن من التوحد و من الترابط و هي لحظات المواجهات الحادة و المصيرية و ثمه لحظات آخري على التنظيم أن يختبر أفكارا مختلفة و أن يقدم حلولا متنوعه – في أطار التوجه العام لمصالح الجمهور – و أن يركز من ناحية الشكل على توسيع حدود الديمقراطية. و تعترف الديمقراطية المركزية بهذا التناقض الأصيل في بناء هيكل و آلية عمل التنظيم. و لكنها عمليا تنحاز إلي لحظة واحدة من لحظات الصراع الطبقي و هي لحظة الثورة ذاتها و تفترضها حالة دائمه لذا تجعل الديمقراطية ممركزه. بينما تتجاهل معظم لحظات هذا الصراع التي لا تقتضي هذه الدرجة من التوحد في البناء التنظيمي.أن الشكل التنظيمي لا يمكن لذلك أن يكون شكلا ثابتا ميتا ناهيك عن أن يكون مستوردا.
و يتجلى تغليب المركزية على الديمقراطية في النموذج السائد في فكرة خضوع المستويات الدنيا للمستويات العليا. فعلى الرغم من المركزية الديمقراطية تعترف بسلطة عليا هي المؤتمر العام – أي كل الأعضاء – ألا أن هذا الاعتراف شكلي لحد بعيد. لان هذه السلطة العليا ليست ألا حدث مؤقت لا يقع ألا على فترات متباعدة هذا أن وقع أصلا – أجتماع المؤتمر العام – و تبقى المستويات الدنيا عمليا خاضعه دائما للمستويات العليا في التنظيم. أي سيادة الأقلية العددية على الأغلبية ! أن هذا البناء غير ديمقراطي تماما. و لا شك أن أصرار الاتجاه التروتسكي على ما يعرف باسم "الحق في التكتل" يقترب أكثر من الديمقراطية. و حق التكتل هو حق أعضاء من التنظيم في أن يعلنوا أنهم يمثلون أتجاها خاصا داخل التنظيم و ضمن أطارة. حق التكتل هو نوع من حماية الأقلية داخل التنظيم. غير أن فكرة حق التكتل نفسها فكرة هي الأخرى مستوردة – ناجمه عن تجربة تاريخية محددة في مجتمع معين - و الأهم أنها لم تحمى التنظيمات التروتسكية من كثرة الانشقاقات و لا تزيل مبدأ سيادة الأقلية على الأغلبية غير الديمقراطي. أحد المبررات لهذا الوضع المقلوب في تنظيم المفترض فيه الديمقراطية هو حماية التنظيم من تسرب الأفكار غير الناضجة أو حتى الانتهازية التي قد يحملها الأعضاء من المجتمع للتنظيم. و أذا كانت قيادة التنظيم غير قادرة على أقناع أعضاؤه انفسهم فكيف لها أن تطمح لإقناع الشعب؟ ثم أن ما حدث تاريخيا هو أن مثل تلك الأفكار دائما تأتي للتنظيم من أعلى أي إن السمكة تفسد من رأسها كما يقال.
و يتجلى أيضا فساد هذا النموذج – الديمقراطية المركزية - في فرض ما يسمى بالالتزام الحزبي. أي ضرورة أن يعبر الأعضاء دائما عن مواقف التنظيم أو الحزب و ليس قناعتهم هم. و مرة آخري ربما يمكن تفهم مثل هذا المبدأ في لحظات معينة و بخصوص مواقف معينة و لكن من الصعب تصور أهمية لمثل هذا الالتزام في قضايا عديدة اقل شأنا من القضايا الرئيسية للتنظيم. فمثلا ما هو الخطر في أن يكون بعض أعضاء التنظيم ضد أضراب معين و بعضهم مع هذا الأضراب. أن مثل هذه القضايا ليست جوهرية لبرنامج التنظيم. لأن في لحظة أخرى ممكن أن يحدث العكس. و أكثر من هذا أن كثير من القضايا ليست لها حلول جاهزة معروفة سلفا و السماح لأعضاء التنظيم بتداول أفكارا مختلفه خارجة يغنى التنوع بل و يفتح الباب أمام أكتشاف حلول للقضايا التي لم تعرف حلا بعد. خاصة و أن أي تنظيم يساري حقا يجب أن يكون فكريا منفتح على إبداعات الناس و على أستعداد لتبنى مبادرات عامه الناس و مرن بحيث يبدل مواقفه الجزئية حسب تبدل أحوال الصراع الطبقي. أن الالتزام الحزبي بالصورة التي تطرحها المركزية الديمقراطية هو أيضا تغليب للحظة خاصة جدا – لحظة حينما يجب أن يكون التنظيم على أعلى درجة من التوحد - على كل حياة التنظيم. و هي في النهاية تلعب ضد مصلحه تطور الديمقراطية الداخلية في التنظيم.بل وضد مصلحة بلورة أفكارة نفسها.
أن كلا من خضوع المستويات الدنيا للعليا و الالتزام الحزبي ربما يكون ضروريا في لحظات معينة و لكنها يجب أن تأتي تالية للمبدأ الديمقراطي العام. و ليست فوقة.
يثير شكل التنظيم أيضا قضية أخرى على درجة كبيرة من الأهمية و هي تتلخص في سؤال كيف يمكن لتنظيم لا ديمقراطي أن يبني ديمقراطية أو تنظيم لا أشتراكي أن يبني أشتراكية؟ أن اليسار يسعى على الأقل لان يكون لاعبا أساسيا في بناء الديمقراطية و الاشتراكية فكيف يمكن له ذلك أن لم يربى نساؤه و رجاله بروح و ممارسة الديمقراطية و الاشتراكية. كيف يمكن لكوادر تربت بروح الطاعة أن تكون عناصر الثورة و التغيير الاجتماعي . و يبدو الحديث عن "روح" الطاعة حديث مبهم و لكن بدون أن يشجع التنظيم أعضاؤه على التمرد و الثورة و الاشتراكية و الديمقراطية ، بدون أن يحث التنظيم أعضاؤه على أن يكونوا عناصر للتغيير الاجتماعي بدون بث هذه "الروح" عبر الممارسة يصبح التنظيم عبث أجوف.و لذلك فأن بناء شكل تنظيمي ديمقراطي و أيضا أشتراكي ضرورة حتمية أذا كان لهذا التنظيم أن ينجح في تحقيق و لو قدرا من أهدافه العامه. و حينما أتحدث عن الديمقراطية أعنى الانتخابات و الحق في الخلاف و الاختلاف و الاطلاع و الحوار داخل التنظيم و حينما أتحدث عن الاشتراكية أعنى ضرورة التضامن الأخوي بين أعضاء التنظيم في مواجهه شروط النضال الصعبة.
تقف ضرورات السرية و الخوف من البوليس السياسي كأحد أهم العوامل في الانحياز لنموذج لا ديمقراطي في بناء التنظيم. و من حق و واجب أي منظمه جادة أن تتحسب لمثل هذه الأمور فالصراع الطبقي ليس مباراة ودية. و لكن هذه الأمور لها مرتبة ثانوية بالقياس للديمقراطية داخل التنظيم. فبينما الديمقراطية هي مبدأ و ضرورة فان السرية ليست مبدأ و ليست ضرورة على ألإطلاق. فليس من الضروري أن يختار التنظيم السرية في كل لحظة بل المنطقي أن يسعى لأوسع علنية ممكنه. و ليس له أن يختار الخوف من البوليس السياسي في كل لحظة بل ربما توجد لحظات كثيرة و مناضلين كثيرين الأفضل لهم و لقضية التنظيم أن يخضعوا للبوليس السياسي و يذهبوا للسجن أو المنفى. كلها أمور رهن بالوضع المخصوص للصراع و هذا المناضل أو ذاك و شكل تطور هذا الصراع و احتمالاته. فمثلا نجح الحزب الشيوعي السوداني في أخفاء سكرتيرة العام عن البوليس السياسي لمدة 20 عاما. بينما فشل – و ربما قرر - المؤتمر الأفريقي في جنوب أفريقيا في حماية نيلسون منديلا من السجن لمدة 27 سنه. و كلتا المنظمتين سريتين و علنتين بدرجة أو أخري و كلتاهما منظمتين مناضلتين جادتين و لهما شعبية واسعه. و رغم ذلك فأن المؤتمر الأفريقي نجح في أستثمار سجن قائده الأشهر و كان سجنه بالتالي إيجابيا بمعنى ما. بينما لم يؤدي أخفاء السكرتير العام في السودان ألا إلي حماية روحة التي لا شك أن نظام النميري كان سيطيح بها. السرية ليست شرطا مطلقا بل عنصر ثانوي في تركيب أي تنظيم ثوري مقارنه مع أسس بناؤه الديمقراطية و الاشتراكية. و أذا كانت السرية مبدأ فعدم القيام بأي نشاط على الإطلاق هو أفضل سرية ممكنه أو الهجرة مثلا و هذا طبعا غير متصور.
و ثمة قضايا أخرى يخضع لها بناء التنظيم غير المبادئ الكبري و الصغري. و هي الضرورات العملية. فمن غير الممكن مثلا قيادة أضراب بلجنة مكونه من 100 عضو؟ أن المنظمة صغيرة العدد هي الأكثر قدرة على تنفيذ المهام المباشرة. والأشكال المعقدة التي يفرضها نموذج الديمقراطية المركزية غالبا ما تكسر هذه الضرورات العملية. و كذلك فأن هناك حاجة عملية لربط المنظمات الصغيرة بعضها ببعض بالشكل الذي يفيد البناء التنظيمي ككل. و في هذا أيضا تقدم المركزية الديمقراطية حلولا لا ترتبط بالواقع حينما تقدم النموذج الهرمي المبنى على التقسيم الجغرافي. فمن الممكن جدا أن تكون هناك منظمة محلية في الإسكندرية مرتبطه لأسباب نضالية و تاريخية بأخرى في أسوان. و من المؤكد أن عمال المحلة في حاجة لعمال المنصورة الخ. و التقسيم ألي مناطق جغرافية لا يقدم أجوبة على مثل هذا التنوع و الغنى الذي يطرحه الواقع. بل بالعكس يضع العوائق أمام تطور هذا الواقع. أن الشكل التنظيمي يجب أن يخضع للقانون الطبيعي المعروف بمبدأ أقتصاد الطاقة. أي أن كلما كان البناء أكثر بساطه لإنجاز غاية محددة كلما كان أفضل و أكثر فاعلية. و بمعنى آخر أن كل تعقيد في الشكل التنظيمي له ضريبة محددة من الفاعلية. فإذا كان هذا التعقيد لن يفرز قدرة أعلى علي أنجاز المهمة فلا حاجه له.
و الجريدة تمثل وجهها آخر لسياسية تغليب المركزية علي الديمقراطية. فعادة ما تكون مجرد أداة في يد مركز المنظمة و الحجة في ذلك معروفة و هي تقديم "أفضل" تعبير عن المنظمة للجمهور. لكن للجريدة شأن آخر و هو استشفاف ميول هذا الجمهور نفسة و معرفه توجهاته و هذا لا يقل أهمية عن تقديم أفضل تعريف بالمنظمة و من ناحية آخري يمكن قرأة فارق بين "أفضل" تعريف و بين "أدق" تعريف بالمنظمة. بمعنى انه ربما تستطيع القيادة المركزية أن تقدم عمقا فكريا و نظريا في شرح مواقف المنظمة و لكن يبقي أن هذا ليس حقيقة مواقف المنظمة التي تضم الكثير من التباينات و التفاوت في الفهم و الاستيعاب و الرؤى. مرة أخري تعارض بين لحظة الثورة حينما تكون الجريدة هي أوامر و توجهات لأعمال مباشرة و فترات الأعداد حينما تكون الجريدة هي أداة لتربية المنظمة و جمهورها معا و تثقيفهم الخ. لذا فلا بد لجريدة ناجحة من أن تكون جريدة مستقلة فعلا جريدة تعبر و تتبنى فكر المنظمة و لكنها مستقلة في كيفية تحقيق ذلك.
و من أهم أسس آي منظمة هي ماليتها. بدون مال لا يمكن تحقيق الكثير . و بالطبع فالمالية في نموذج المركزية الديمقراطية هي الأخري قضية مركزية. و يمكن الاستطراد في تحليل الثنائية إياها فيما يخص المالية و يمكن تقديم أدلة عن لا جدوى ديمقراطية داخلية حقيقية دون أستقلال مالي.

المطلوب أذا كي يبني تنظيم يتسق شكلة التنظيمي مع توجهاته الفكرية ان يتحلى بالاتي

١ أن يكون السلوك الديمقراطي مبدأ أساسيا . و أن ينعكس ذلك في سيادة الأغلبية و الانتخابات الكاملة و في حرية الأعضاء في ممارسة دورهم و حرية النقد و الإطلاع الخ. و أن تخضع المستويات الأعلى للأدنى في متابعه أعمالها و أنتخاب أعضائها و مناقشة توجهاتها. و المستويات ألأعلى تتولي القيادة من خلال أقناع تلك الأدنى بالتوجهات و المواقف أكثر من أصدار الأوامر.
٢ أن يكون التضامن الأخوي و العمل بروح الفريق مبدأ حاكما في العلاقات بين الأعضاء و المنظمات المحلية. مثلا الدعم المادي المتبادل بين الأعضاء و المسئولية المشتركة لكل فريق العمل الخ. و أن يرقي هذا المبدأ كي يعكس الجانب الاشتراكي من فكر المنظمة.
٣ أن يكون كل توسع في عمل المنظمة مرتبط بتطورات نضالية و عملية محدده و متوافقا معها و ليس أستجابه لمخطط وهمي موضوع سلفا عن شكل التنظيم. و أن تبني المنظمة على أساس فاعليات منظمات صغيرة العدد مترابطه ذات صلاحيات كامله .
٤ أن تعتبر كل منظمة صغيرة تتحرك في مجال محدد كفريق عمل هي المسئولة مسئولية كامله عن تطوير النضال في هذا المجال و استنباط خبراته و صياغه مواقف فكرية مشتقة الخ. في مقابل أعتبار المنظمة الصغيرة الأساسية كمجرد أداة لممارسة توجهات منظمات أعلى.
٥ أن تسعي المنظمة المركزية أو أعلي مستوي دائما إلي كسب تأييد و أقناع باقي المنظمات بصحة توجهاتها و لا تفترض ذلك سلفا. و أن تركز على تعميم الخبرة و استخلاص الدروس و وضع التكتيكات التي اثبت الواقع صحتها الخ.
٦ أن تخضع كل القضايا الأخري لهذه المبادئ . فمثلا السرية يتم أقرارها من قبل المعنيين حسب الظروف و الأحوال و الالتزام الحزبي يتم أيضا أقرارة حسب اللحظة و القضية المطروحة. الخ.
٧ أستقلال الجريدة المنتخبة عن الأشكال التنظيمية المختلفة وحرية حركتها
٨ ضمان الاستقلال و التكامل المالي بين كل فروع المنظمة.
هل هناك سوابق لمثل هذا الشكل؟
في الحقيقة لا توجد أصلا سوابق لشكل المركزية الديمقراطية المزعوم الذي يتخذ باعتباره معيارا. فمثل هذا الشكل المعقد لم ينشأ إلا بعد استيلاء البلاشفة على السلطة في روسيا السوفييتية. و لم يكن حتي الحزب الشيوعي الروسي نفسة يتبع مثل ذلك المخطط المركزي في تاريخه الطويل. و منظمة الثوريين المحترفين التي أنشاها لينين كانت منظمة لثوريين أساسا . أي هؤلاء الذين يمارسون الثورة بجدية و حرية و لا ينتظرون أوامر من أحد و لا يقبلون أوامر من أحد. و روسيا شاسعة المساحة في عصر الخيول لم تكن أصلا تسمح بغير ذلك. و قد نسيت أسم الكاتب الذي قال أن البلاشفة لم ينجحوا ألا لان أصغر عضو كان قادرا على تحدى اكبر رأس في اللجنة المركزية. و حينما قررت هذه اللجنة قيام الثورة في ميعاد محدد قام أثنين من أعضائها لم يرق لهم القرار بتسريبه – خرق فاضح للالتزام الحزبي. و جن جنون لينين لكن في النهاية لم يوجه سوي لوم لهذين العضوين. و في العصر الحديث أنبثقت أشكال تنظيمية بلا حصر في لحظات مختلفة و أماكن مختلفة. فمثلا الثورة الكوبية لم يكن فيها منظمة سياسية بالمعنى المتعارف علية. و كذلك كل منظمات اليسار اللاتيني الحديثة هي أخلاط تنظيمية تجمع بين أشكال متنوعه جدا حسب التطور الاجتماعي و التاريخي. و تتميز بالمزج بين المنظمات الجماهيرية و المنظمات الحزبية . و لابد هنا أن نقف عن تجربة الوفد المصري الذي كان أقرب لكونه منظمه جماهيرية فضفاضة عن أن يكون حزب سياسي. و نشأ بشكل عفوي بناء علي مبادرة تبدو غريبه جدا و شديدة البيروقراطية و هي جمع التوكيلات . و أحتوى علي تيارات و أتجاهات متباينه باعتباره نوعا من البيت المصري. كل تجربة في التغيير الاجتماعي حملت شكلا تنظيميا مبتكرا كما حملت حلولا مبتكرة للمعضلات التي كانت متوجهه لحلها. و تلك الحلول التنظيمية كان جوهرها هو استيعاب الطاقات الثورية و بالتالي تميزت بالمرونة و العملية و الابتعاد عن الشكل العسكري المتزمت التي مثلته المركزية الديمقراطية. و هذا ينسجم تماما مع التحليل الماركسي و يتناقض تماما مع سلوك الماركسيين المصريين تجاه قضيتنا.
أن على اليسار أن يبذل جهدا مضاعفا لاستعادة سمعته و ثقه الناس به التي أطاحت بها عقود من الغياب و عقود أطول من التشوية المتعمد من قبل النظام و حليفه اليمين الديني. و أول ما يمكن أن يقوم به في هذا الخصوص هو أن يفعل ما يعظ به و أن يكون أمينا على مبادئه ذاتها.
و في المقال القادم نتناول هل مصر في حاجة لحزب يساري جديد.

7 comments:

  1. الله ينور عليك..... و أحسدك على شجاعتك فى نكأ الجرح. مرت مصر بتجربة نضالية مريرة.نتجت عنهامرارات للكثيرين تجربة حملت معها كل مشاكل المجتمع المصرى الأجتماعية.... البيروقراطية و التسلط و التحكم و الشلالية و حساب المصالح الخاصةو تعلية قيمة المنظرين و المحللين و تكريس قيمة الفرد و تأليه الزعيم نتج عنها ما نعرفه .....و هو يثير الحزن.... .ما يؤدى الى نجاح أى مشروع فى تحقيق أهدافه هو مدى ملاءمة ميكانيزم الادارة للغرض المرجو و قدرات القائمين على المشروع فى انجاز المهام المطلوبة.أن تكون أشتراكيا معناه أتكون أنسانا ينضح أنسانية و محبة للأخرين .. معطاء..مضحى أن تكون ذو خلق كريم هذا شرط و الشرط الاخر أن تعمل فى ظل تنظيم يسمح لك باعلى درجات الأداء و تشعر بالتحقق داخله و يسهم فى تطوير قدراتك و يشعرك بالأمان .و هو ما أجده فى رؤيتك ربما لا أكون قد أضفت الكثير و لم أتى بجديد .دافعى الأساسى هو تحيتك على جهدك الذهنى و طرقك لموضوع شائك يتجنبه الكثيرون .

    ReplyDelete
  2. عزيزى أحمد
    شكرا لك. و في الحقيقة الموضوع ليس شائكا و لكن هناك غياب حقيقي لمفهوم ثوري عن شكل التنظيم . و بالتالي فان ما اعتادة الناس و ما يحمل جلال التجارب التاريخية يكتسب نوعا من القداسة الغريبة و يصبح صنما للعبادة. و لكن الان هذة الاصنام بدأت تسقط ففى مصر الان اشكال متنوعه جديدة تظهر كل لحظة ربما لا يملك اصحايها الحنكة الفكرية كى يعبروا عنها و لكنها اشكال جديدة مثلا كفاية و مواطنيين من اجل كذا و كذا الخ كلها اشكال جديدة ربما لا تنتمى الى نفس عينة الموضوع الذى نتكلم عنه و لكنها توضح ان هناك جديدا يولد فى هذا المضمار ايضا و يبقى علينا ان نسابق الزمن كى لا نتأخر كثيرا
    شكرا

    ReplyDelete
  3. الحزب .. للحزب ..ام الحزب للحركه..؟؟؟
    بدايه .. وقبل التعليق اود الأشاره لتلك العلاقه الجدليه .. بين الحزب السياسي والحركه الجماهيريه والتأكيد علي ان الحركه هي التي تدشن الحزب وتعمل علي تطوير قيادته واهدافه وبرنامجه بمعني ان اي منظمه في نشاتها ترتبط باستراتيجيات محدده وتبدأ في اعداد برنامجها.
    المنظمه أو الحزب الذي سيسنمر في الساحه حتي يصل الي النصر هوذلك الحزب القادر علي التعاطي مع الحركه الجماهيريه .. حتي تصل به الي اعاده صياغه برنامجه بل ويمكن اعاده صياغه قيادته .بالأساس الأمر متوقف علي العلاقه الجدليه بين المنظمه وجمهورها الذي بمثل مصالح طبيقيه محدده فاذا ما استطاعت المنظمه التجاوب بشكل ديناميكب مع متغيرات الواقع ومع تطور حركه الجماهيراستطاعت هذه المنظمه أن تظفر بالنصر .... اسهبت في هذه الملاحظه تاكيدا علي رؤي المقال لأشكاليت التجارب التنظيميه المصريه
    .

    ReplyDelete
  4. نعود الي صلب المقال ..المركزيه لاديموقراطيه .. والجريده المركزيه والأتزام الحزبي .. والطاعه الحزبيه ... كلها ادوات ...صنعت لتكبل العمل الحزبي الحقيقي .. وتحعله خارج الحسابات السياسيه للحزب لتركز علي رؤيه القباده الحزبيه باعتبارها قياده رشيده .. وكما لوكان حق اللأختلاف الفكري مرفوض .. الي ان تمر السنون ومثل هذه القيادات قابعه .. لاتتعاطي ولاتتفاعل مع المعطيات ..والحقيقه أن رفض فكره التكتل له درجه من الوجاهه ... ذلك أن الديموقراطيه الحزبيه يمكنها ان تخلق حاله من الأستقطاب داخل الحزب..وعلي قدر فاعليه الديموقراطيه الحزبيه علي قدر ما يمكن ان تنتهي الأستقطابات الي رؤيه أفضل للمستقبل ...وبدون انشقاقات الحقيقه أن الروح السائده لدي الجميع .. هو منطق الاتزام الحزبي ... وتحولت عقولنا الي دجمه لاتبصر الا ما كان اسلافن يبصرونه منذ قرن من الزمان المركزيه الديموقراطيه قضت علي امكانبه للأبداع

    ReplyDelete
  5. تقديري أن الجوهري في أي بناء حزبي .. هو درجه المرونه التي تجعله قادر علي قياده الجماهير .. والأحساس بنبضها والتأثير فيها والتأثر بها ولكن اليسار المصري تعود ان يفعل عكس ذلك ... يبدا بأقامه التنظيمات ... وينتهي بوضع اشكال تصوريه عن الحركه الجماهيريه .. غالبا ما تكون أبعد ما تكون عن الواقع .تقديري ان قدره المنظمه أو الحزب علي الأستمرار و التطوير ترتبط بشكل اساسي بامكانيه اعاده هيكله المنظمه واعاده صياغه برامجها تجاوبا مع الحركه ... واعتذر عن .. تعبير تجاوبا ... لأني لااري ذلك تجاوبا .. قدر . ما اراه تأثير الحركه في التنطيم أو في الحزب ... أنه بافعل تأثير . الحركه وتأثير الحراك الطبقي وتأثير الصراع الطبقي كل هذع العوامل هي التي تشكل المنظمه واذ لم تكن في المنظمه قياده قادره علي ان تفهم ذلك وتستجيب لتطورات هذه العوامل لن تحقق هذه القياده اي نجاح ان لم تقوود الي فشل واخفاقات قد تضر اضرار شديد بقضايا الصراع الطبقي ... لابد من توافر ضمانات قويه لحريه التعبيير والحركه داخل المنظمه الحزبيه وتوافر آليات تعتمد المناضلين الأكثر حركه باعتبارهم الوريد الذي ينقل دماء حركه الصراع الطبقي الي كل أجزاء المنظمه...بدون هذه الضمانات ودون الدخول في تفاصيل اي موروثات ماركسيه أو لينينه .. اري أن المسأله هي كذلك ...مره أخري وبغض النظر عن اي موروثات ... لابد للمنظمه الحزبيه اليساريه أن تضمن وجود آليات تستطيع أن تجدد دمائها وتواكب تطورات الصراع الطبقي .. وتطلق كل الأمكانات والطاقات المبدعه

    ReplyDelete
  6. المنظمه الثوريه في هذا العصر لابد أن تكون محدوده العدد.. من حيث ادارتها.. لأن وسائل الأتصال اختصرت العديد من الأمور لتنظيم العمل التنظيمي ...وما بحدث في الواقع المصري الان أمر أكثر من رائع .. هناك حركات احتجايه .. وحاله .. من تصاعد حده الصراع الطبقي .. وتنشا مع هذا الواقع العديد من المنظمات الجماهيريه ... ومؤكد العديد .. ايضا من المنظمات الحزبيه صغيره العدد ...وللأسف لازال اليسار المصري يقف موقف المشاهده علي ما يحدث في الواقع بانتظار تطور الحركه لتلتقي بها الأدمغه الثوريه ...يا للغرور .. والغباء في آن واحد ..مثل هؤلاء سوف يهمشون لأن الحركه قادره علي الأنتخاب ... والحمد لله النخبه المصريه الغير فاعله ... لاتعد .. ولاتحصي ... ومشكلتها في الدجمه ..التي تخلق التشرزم والعزله التي يفرضها تعاليها عليها .. ورغم ذلك تتطور الحركه الجماهيريه مؤثره في العديد من المناضلين الحقيقين هؤلاء الذين يبذلون الكثير ويحتاجون الكثير من الدعم الحقيقي الفكري المنفوض عنه غبار الدوجمه والموروثات الثقافيه....أعتقد ان هذه اسس لابد ان تكون من عوامل نجاح اي منظمه ثوريه

    ReplyDelete