Wednesday, October 27, 2010

ما الذي يمكن أن نستفيده من فرنسا؟

ما الذي يمكن أن نستفيده من فرنسا؟
موجة الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها فرنسا بقيادة النقابات و اليسار في مواجهه تعديل قانون التقاعد تحمل دروسا مهمة لنا في مصر. و لا أريد هنا أن أعيد تفاصيل المشهد الفرنسي فقد عرضه الكثيرين و أن كانت تفاصيل كثيرة ما زالت مطوية و ما زال باب البحث مفتوحا علي مصرعية فيما حدث و فيما سيحدث أيضا. و من هنا فهذه مجرد محاولة أولية لقرأة أنفسنا في مصر فيما يجري في فرنسا.و بالطبع يجب أن يسبق ذكر أي درس فرنسي أن هناك فوارق شاسعة بين مصر و فرنسا ليس فقط في مستوي التنظيم و الديمقراطية و لكن فروق جوهرية في الطبيعة الطبقية لكل من المجتمعين.و رغم ذلك في تقديري أن هناك دروس جلية يمكن الاستفادة منها
أولا أن نظرية مظاهرة مليونية تسقط النظام في مصر ثبت فشلها في الحالة الفرنسية. و ما زالت قوي كثيرة تتصور أن هذا ممكنا بل و تعمل من أجله. فمظاهرات فرنسا لم تسقط حتي تعديل في قانون رغم ملايينها. أن التغيير الاجتماعي يتطلب ما هو أوسع و أكبر من مظاهره أيا كان حجمها. يتطلب أعادة بناء للطبقات صاحبة المصلحة في التغيير من زاوية التنظيم و الوعي.
ثانيا أن الدرس الأهم الذي يجب أن نتعلمه هو أساليب الحركة. أن النقابات الفرنسية لم تقم بكل هذه الحركة الواسعة بفضل قوتها. في الحقيقة النقابات في فرنسا تضم فقط 9% من القوة العاملة و هي نسبة أقل من الولايات المتحدة 12 %. لكن النقابات في فرنسا كان لها كل هذا التأثير بفضل طبيعتها الكفاحية. بفضل أنها أكثر قربا من أعضائها. و ربما لا يعنينا هذا كثيرا فالنقابات لدينا هي في الأغلب أداة الأمن. لكن ما يعنينا منه هو أن جوهر العمل النقابي يستند إلي الارتباط بالقاعدة النقابية.
ثالثا في سياق الحركة أتضح كيف تعمل النقابة الفرنسية – أو علي الأقل جانبا منها – فعكس ما يحدث حيث تقرر القيادة النقابية بمشورة أعضائها الأضراب ثم تنخرط في المفاوضات. كانت النقابات الفرنسية يوميا تأخذ موافقة أعضائها علي أستمرار الأضراب. مرة أخري هذا ليس درسا للنقابات الحالية في مصر و لكنه درس للنقابيين الحقيقيين الذين يقودون حركة مواقعهم سواء كانوا قادة نقابيين منتخبين أم لا
رابعا لم تعد النقابة – علي الأقل في أمثلة عديدة – قصرا علي عمال موقع معين بل فتحت أبوابها لطلاب الثانوي و لباقي أعضاء المجتمع المحلي كي يشاركوا في النقاش و الأعداد. و هذا تطور هام جدا يذكرنا بالتجارب اللاتينية في تنظيم الحركة النقابية – المحلية المشتركة. فحيثما و جدت نقابة قوية نابعة حقا من قاعدتها تصبح و يجب أن تكون مرتكزا لتنظيم مجمل المنطقة السكنية المجاورة لها. و ربما هذا أهم بالنسبة لنا من فرنسا حيث لدينا المرتكزات التنظيمية محدودة. توسيع العمل النقابي ليشمل الأحياء هو أولا رافعة للنقابة كي تتمتع بمساندة واسعة و ثانيا رافعة للحي كي يتمتع بمستوى أعلي من التنظيم.
خامسا النقابات الفرنسية نقابات مسيسة و لكنها نقابات مستقلة في نفس الوقت. و هذا درس مهم لنا حيث أشتكي قادة عماليين كثيرين من أفساد السياسيين لعملهم. العلاقة بين التنظيم السياسي و التنظيم النقابي يجب أن تكون مبنية علي الندية و الاستقلال. لكن من ناحية آخري فلولا أرتباط النقابات الفرنسية باليسار الفرنسي لما كان لها كل هذه الفاعلية في الشارع. فاليسار هو الذي زرع روح الكفاح وسط النقابات.
أخيرا أتصور أن يسعى القادة النقابيين الحقيقيين في مصر إلي الاتصال برفاقهم الفرنسيين و الاستفادة مباشرة من خبراتهم في تلك المعارك الأخيرة. و لا شك عندي أن هناك معارك مقبلة كثيرة في فرنسا و في مصر و التضامن هو أمضي أسلحة الطبقة العاملة.

1 comment:

  1. الواقع المصري مختلف النقابات مالهاش نفس حرية النقابات في فرنسا ، علشان كده لازم النقابات تكون خارج السيطرة الحكومية في البداية ، علشان تقدر تحرك أعضائها

    اتفق معك تماما في الأخذ بخبرات النقابات الفرنسية ... لك كل التحية و التقدير

    ReplyDelete