Wednesday, July 28, 2010

أنزل ..لا.. أقاطع

أنزل ..لا.. أقاطع
بصراحة أري الدعوة لمقاطعة الانتخابات دعوة ضارة و في غير محلها. هذه الدعوة تستند إلي فكرة أن عدم النزول و المقاطعة سيؤدي إلي "فضح" النظام. و ربما تؤدي ألي إجباره علي تعديل الدستور. و هذه في رأي علل غير كافية. لماذا؟
بداية لأن النظام مفضوح فعلا مفضوح أمام الطرف الأهم في هذه اللعبة و هو الشعب. و هو أيضا مفضوح أمام الأطراف الخارجية. فالكل يعلم أن حكم مصر حكم أستبدادي ديكتاتوري قمعي غاشم. بل و يعلم ذلك منذ فترة طويلة جدا.
ثانيا أن النظام لن يعدل الدستور فالقيود الحالية في الدستور هي الضمانة القانونية لبقاء النظام. فلن يغيرها ألا بضغوط حقيقية أوسع كثيرا من مجرد مقاطعة الانتخابات
ثالثا أن المعارضة الحزبية الرسمية في مصر هزيلة جدا. فالأخوان يقولون أنهم سيقاطعون لو قاطع الجميع و التجمع يقول أنه لا يدري أذا كان سيقاطع أم لا و الوفد يقول أنه أعد كذا مرشح الخ. فلا يمكن الركون مطلقا إلي أن أغلبية كبيرة من القوي السياسية ستقاطع فعلا الانتخابات. ناهيك عن الأحزاب الأخرى التي لا يسمع أحد عنها و التي هي مكاتب للحزب الحاكم فهي لن تقاطع أكيد. أذا حتي لو قررت القوي الوطنية المقاطعة ستكون مقاطعة جزئية في أحسن الأحوال و بالتالي لن تكون لها هذا المفعول في التأثير علي النظام
و تجربة الأحزاب السودانية المعارضة في المقاطعة في الانتخابات الماضية خير دليل. فلم تفلح أولا في تشكيل جبهه مقاطعة حقيقية و لم تؤدي حملتها للمقاطعة لإجبار النظام السوداني علي أي شيء. رغم أن الأحزاب في السودان أرسخ وجودا و أعمق تأثيرا بكثير من مصر. و في النهاية لم تؤدي المقاطعة الجزيئة في السودان لأي نتيجة ألا مصلحة النظام السوداني
و من حيث المبدأ فان الداعيين للمقاطعة يضعون أعينهم علي النظام و سلوكه. و هو ما أعتقد أنه غير مناسب علي الأقل من وجهه نظر اليسار. يجب أن ننظر إلي الشعب و إلي الناس أولا. و لو أخذنا هذا المنظور ستتغير الرؤية تماما.
الشعب يكره هذا النظام. لكنه ما زال بعيدا عن تبني مطالب سياسية واضحة. بل ينظر الشعب بريبة إلى مفاهيم مثل الديمقراطية و التعددية الحزبية. الشعب يبدو مستعدا و قادرا علي الحركة و لكن لم يقرر بعد في أي أتجاه. و القاطعة هنا لا تفيد مطلقا في تطوير حركة الشعب. لو كان شعبنا مسيسا و متوحدا حول أفكار للتغير لكن للمقاطعة ربما دور. لكنه ليس كذلك بعد
الانتخابات هي فرصة للشعب كي يتحرك – و أن جزئيا – و هي فرصة لنا كي نطرح عليه ما نريد.
من المؤكد أن الانتخابات القادمة ستزور مثل السابقة. إلا في حالة واحدة لو حدثت مقاطعة واسعة و اصبح لا لزوم للتزوير لان جل المرشحين هم مرشحي النظام. كي يقضي علي التزوير لابد أن تقف قوي حقيقية في مواجهه التزوير و هذه هي قوة الشعب. و قد نجح الشعب سابقا في منع التزوير مرات. لكن المقاطعة لن تساعد علي تطوير قوي الشعب
و لان الشعب في هذا الوضع فمن مصلحته أن يسمع و يري مختلف البرامج و الاتجاهات و من مصلحتنا أن نرتبط بالشعب عبر الانتخابات و من مصلحة تطور العملية السياسية أن يحدث و لو قليل من الفرز السياسي علي أسس برنامجية و هذا ليس من الممكن حدوثة مع المقاطعة.
فماذا لو أتت الانتخابات المزورة بمرشحين لا يمثلون الشعب؟ هذا هو الوضع القائم حاليا ثم أذا كان أحد يتصور أن حتي الانتخابات غير المزورة ستأتي بممثلين للشعب يكون أما واهم أو مروجا للأوهام. فهناك الكثير من العقبات أمام ممثلي الشعب غير التزوير. و لنأخذ العبرة من اليونان بلد عريق في الديمقراطية و الانتخابات فيه غير مزورة لكن نواب البرلمان في واد و الشعب في واد ثاني تمام و كل من يتابع الإضرابات العامة المتتالية في اليونان يعرف ذلك. فلن تأتي الانتخابات بممثلي الشعب. ربما أتت بأحاد من ممثلي الشعب. كي نصل إلى مرحلة تكون فيها الانتخابات معبره عن الشعب أمامنا طريق طويل جدا ما زلنا في بدايته
نريد أن ننزل الانتخابات و نطرح برامجنا و ندفع الشعب لمقاومة واسعة حقيقية للتزوير و المزورين في كل لجنة و حول كل صندوق. بهذه الطريقة ننمي قوة الشعب.


No comments:

Post a Comment