Saturday, May 15, 2010

النيل و أثيوبيا و نحن

النيل و أثيوبيا و نحن
قبل البداية ما هي أثيوبيا؟ لا يمكن الإجابة البسيطة علي هذا السؤال لكن الحقائق التي يمكن الوصول لها سريعا تقول
أثيوبيا بلد مساحته اكبر قليلا من مساحة مصر 1100000 كيلو متر مربع لأثيوبيا مقابل مليون لمصر
أثيوبيا بلد متعدد الأعراق و القبائل و الديانات و اللغات أكثر كثيرا من مصر
أثيوبيا مثل مصر بلد عريق الحضارة. حكم أسرة هيلاسيلاسي - الإمبراطور-الذي أطيح به مؤخرا أستمر 2500 سنة أطول أسرة أستمر حكمها في العالم
عدد سكان أثيوبيا أكثر قليلا من مصر 79 مليون لأثيوبيا حينما كان عدد السكان فى مصر 76 مليون
أثيوبيا بلد الناتج القومي فيه -بالدولار المكافئ- يبلغ حوالي 80 مليار أي سدس الناتج المصري 460 مليار و بالتالي متوسط دخل الفرد في أثيوبيا سدس متوسط دخل الفرد في مصر- تصور!
أثيوبيا بلد غني بالموارد و أهمها النيل. يسقط علي أثيوبيا من الماء سنويا حوالي 132 مليار متر مكعب – و ربما أكثر كثيرا- من الماء سنويا و نصيب مصر من ماء النيل 55.5 مليار 85% منهم يأتون من أثيوبيا. وحوض النيل ككل يسقط عليه ما يعادل 1600 مليار متر مكعب.
أثيوبيا بلد داخلي لا منفذ له علي البحر منذ أستقلال أريتريا و أنفصالها عن أثيوبيا
أثيوبيا بلد ذو روابط تاريخية مع مصر منذ القدم – أمر منطقي بسبب النيل – و من أهم الروابط الحالية العلاقة الوثيقة بين الكنيسة المصرية الأرثوذكسية و الكنيسة الأثيوبية و بالطبع العلاقات التجارية و الاستثمارية – أستيراد اللحوم مصنع الكابلات المصري -قطاع خاص-الخ.
الدعم الذي تقدمة مصر لكل دول حوض النيل يبلغ 150 مليون جنية أي 0.05% من ميزانية الحكومة المصرية!
نحن أمام أحد أفقر دول العالم. فما الذي يجب و يمكن عليك أن تفعله لو كنت أثيوبي؟ أول شيء هو محاولة الاستفادة من مصادر الثروة المتنوعة و خاصة الماء لتحسين مستوي المعيشة المتردي. السؤال التالي هو من أين تأتي بالأموال اللازمة لاستثمارات الزراعة. حتي وقت قريب كان هذا يبدو مستحيلا لكن أرتفاع أسعار الغذاء و ظهور ما يعرف بالوقود الحيوي جعل دول كثيرة ترغب في الاستثمار في الزراعة في أثيوبيا و غيرها من البلدان الأفريقية من الصين للخليج الخ. فأثيوبيا الآن لديها فرصة ثمينة للخروج و لو جزئيا من الفقر لو أستغلت الأرض الخصبة و الماء الكثير.لكن الاتفاقيات الموقعة بين مصر و دول حوض النيل في فترة الاستعمار تلزم تلك الدول بعدم بناء أي مشروعات مائية دون أن توافق عليها مصر. حتي تضمن مصر حصتها من الماء. أثوبيا أذا تقف في مواجه مصر حول قضية الماء و الحقوق القومية.
هناك دعاوي عنصرية تنطلق في هذه القضية من نوع أن ما يحدث هو "مؤامرة" إسرائيلية أمريكية ضد مصر!! و هي دعاوي عنصرية لانها تفترض أن الأثيوبيين غير قادرين علي المبادرة و الفعل بأنفسهم لا بد لهم من محرك خارجي. و رغم أن من الممكن أن تكون هناك مؤامرات و دسائس و ما تشاء يبقي الأمر الأساسي هو أننا أمام توجه مشروع لشعب فقير يريد أن يحسن من مستوي معيشته و من حقة و من واجبة أن يفعل ذلك
هناك دعاوي أخري تري – كما دائما – أن المشكلة هي أن الحكومة و النظام المصري ككل لا يستطيع أن يتعامل مع القضية بما تستحقه من الاهتمام و الجدية. و هذا ربما صحيح لكن ألاهم هو ما هي طريقة التعامل الجديرة بقضية من هذا الحجم
هناك بالإضافة إلي ذلك حماقات من نوع أن نشن حرب علي أثيوبيا بسبب الماء -من بين دعاتها الرئيس السابق!!-و الذين يقولون ذلك لا يعرفون ببساطة ما هي الحرب و لا ماهي قضية الماء و هم الفرع الأحمق في شجرة العنصرية.و هؤلاء لا يحلون قضية بل يزيدون أفساد العلاقة بين مصر و جيرانها بما في ذلك السودان نفسها.
مصر من الناحية الآخري تعاني نقصا في الماء و يقدرون بأن عام 2017 سيكون بداية العجز المائي في مصر. و حتي ألان لا يجد الفلاحين المصريين ماء عن أطراف الترع. و في مواجهه ذلك تقوم الحكومة بمشاريع وراء البنك الدولي لبيع الماء – مشروع غرب الدلتا الممول من البنك سيء السمعة و حكومة هولندا- و بالتالي القضاء علي الزراعة مرتين مرة بسبب ندرة الماء و مرة بسبب ندرة الفلوس لشرائها. بما يوضح العلاقة الوثيقة بين تعاملنا مع الماء في الخارج و تعاملنا معه في الداخل.يقول الدكتور رشدي سعيد أن مردود متر الماء في إسرائيل 8 أضعاف مردود متر الماء في مصر! أي أننا نبدد الماء الشحيح في الداخل و لا نحسن التعامل معه في الخارج أيضا
و في الخارج يسير النظام أيضا وراء البنك الدولي و لا يقدم لدول حوض النيل سوي وعد من هذا البنك باستثمارات زراعية و مائية ضخمة لو تم الاتفاق علي مبادرة حوض النيل.
لا يمكن المبالغة في حجم و أهمية قضية الماء و نحن و أثيوبيا. و لكن من ناحية آخري لو نجحنا في أدارة القضية بشكل عقلاني و أنساني و أرتفع متوسط الدخل في أثيوبيا و أستطعنا أن نحسن مستوي أستفادتنا من الماء في الداخل فسيكون ذلك لمصلحتنا الأكيدة لان أثيوبيا أغني قليلا تعني فرص لنا للتصدير و الاستثمار و التعاون. و ربما يمكننا أن نغطي علي خيبتنا في المشرق العربي لو فعلنا شيئا إيجابيا مع دول حوض النيل.
و جوهر الحل يكمن – كما تقول الحكومة و لكن لا تفعل – في تحويل الأزمة إلي فرصة . التعاون المشترك لكل الدول و خاصة مصر و السودان و أثيوبيا في أستثمار الماء تعاون علي أساس الاحترام المتبادل أساسة ضمان وصول الماء للفلاح السوداني و المصري و الأثيوبي بشكل متكافئ و ضمن أفضل أستثمار للماء في مصر و أثيوبيا و السودان بشكل علمي. و هذا يعني أن نقوم داخليا بتحويل الري بالغمر لري بالرش في كل الوادي و مثل هذا المشروع العملاق – قدرت تكلفته بحوالي 150 مليار جنية- يمكن أن يكون قاطرة للاقتصاد المصري ككل. من أنتاج أدوات الزراعة الحديثة حتي أستخدامها من قبل كل فلاح مصري.
و يعني أن نخصص مثلا 0.5% من ميزانيتنا لدعم دول الحوض بحيث نقدم لهم تمويلا كافيا لاستثمار في زيادة حجم الماء المتدفق في النيل و أستثمارات في الخدمات. و يعني أن نشرع في مد خط السكك الحديدية من القاهرة لاديسا بابا – العاصمة الأثيوبية- فنكون منفذ أثيوبيا علي المتوسط و يعني أن نزرع أرضا واسعة في أثيوبيا بالخبرة المصرية الأثيوبية المشتركة و العمالة الأثيوبية.
و يعني أن نرفع شرط موافقة مصر علي أي مشاريع مائية تقام في أثيوبيا – لأن هذا أستفزاز لا مبرر له للمشاعر القومية لدول الحوض.مقابل أن تتعهد كل الدول بحد أدني من الاستثمارات لتحسين و زيادة موارد النهر و نضع الموافقة هذه في يد هيئة عابرة للحكومات من كل دول الحوض تتوفر علي رعاية النهر و رعاية فلاحيه بشكل متساوي.تكون مثل هذه الهيئة تجسيدا لتضامن و تكامل دول الحوض. أي أن نحول ما يبدو أنه كارثة ألي فرصة للانعتاق المشترك لكل دول الحوض من الفقر و التعصب. و أول شيء الا نسير وراء البنك الدولي سير الاعمي فمن رفض و حارب تمويل السد العالي غير جدير بثقتنا.



No comments:

Post a Comment