Sunday, December 6, 2009

الموقف من الأخوان و تقديس العفوية

تعليق علي
مقال أي بديل يساري نريده اليوم؟
بقلم يحيي فكري يناير 2006
الموقف من الأخوان و تقديس العفوية
هذه مقالة قديمة و ربما لا تعكس المناخ السائد حاليا و سط الاشتراكيين الثوريين و لكنها تكتسب أهميتها من مستوي الوضوح في شرح هذا ألاتجاه الذي سنحاول هنا البرهنة علي يمينيته
يضع الكاتب الموقف من الأخوان "كقضية مركزية" من قضايا وحدة اليسار حتي يقول “ تماسك حزب اليسار المناضل حول موقف موحد تجاه الجماعة شرطاً رئيسياً لوجوده ونجاحه. “. و علي الرغم من أنه يري أن اليسار موحد في قضاياه الأساسية يقول "سنجد القسم الأعظم من اليسار المناضل وسط كل هؤلاء ـ وبصرف النظر عن الرطان الإيديولوجي ـ يطرح مواقف شديدة التقارب.أي أن قضية الموقف من الإخوان هي الفيصل في هذه الوحدة. و يبدو غريبا جدا أن يقدم الكاتب الموقف من تيار سياسي علي أنه شرط لوحده تيار سياسي آخر و ألأدهى أنه يعترف أن هذا التيار السياسي الأخر – الإخوان – تيارا رجعيا. و حل هذا التناقض في كيفية فهم الكاتب للإخوان و كيفية فهمه للحركة الجماهيرية. يتصور الكاتب أن الأخوان وعاء للجماهير يمكن أن نأخذ منه أو أن ندعه و شأنه. و هو في هذا متأثرا بكتاب كريس هارمان عن الإخوان النبي و البروليتاريا. و هارمان كمناضل ماركسي أوروبي ببساطة لا يعرف واقع الصراع الطبقي في مصر. و لذا فان تحليله لإخوان مصر تحليل خاطئ و دورنا نحن أن نقدم تحليلا يتسق مع واقعنا و مع معرفتنا بالصراع الطبقي في مصر. و قبل الدخول في ذلك في وقت من الأوقات كان في ألمانيا حزبا شعبويا أسمة الحزب الاشتراكي القومي ينادي بحق العمال في العمل و ألمانيا في السيادة. و أنقسم الشيوعيين و الاشتراكيين حول الموقف من هذا الحزب النازي الذي استقطب ملايين الألمان – و فاز في الانتخابات التشريعية – كان الفارق الأساسي بين النازي و غيره من الاشتراكيين و الشيوعيين في قضايا العمل المباشر تقريبا لا شيء الفارق الحاسم كان في القضايا التي يعتبرها الكاتب هنا تنويرية. حقوق الأقليات – خصوصا اليهود – و دور ألمانيا الأوروبي الخ. و جادل الاشتراكيين نفس جدل كاتبنا هنا كيف نترك الجماهير!! و باقي القصة معروفة بمجرد استيلاء النازي علي السلطة نظم المذابح للشيوعيين و الاشتراكيين ثم علي مستوي العالم كله. و نفس القصة تكررت مع أختلافات مع حزب تودة – الشيوعي – الإيراني
يقول الكاتب عن الأخوان "لفهم جماعة الإخوان هو أنها منظمة متناقضة، وهذا التناقض بنيوي في داخلها، " الخ و بالمعني الذي يطرحه كل منظمة سياسية هي منظمة متناقضة فمثلا منظمة سياسية آخري تحدث عنها الكاتب هي حزب الغد أليس هو أيضا يضم نشطاء يسعون الي أشياء مختلفة تماما عما تريده القيادة؟ أو النقابات العمالية هل هي رجعية أم أنها متناقضة ! أن الحكم علي أي فصيل سياسي يجب أن ينبني علي الأهداف الكبري ألتي تسعي أليها علي أساس قيادتها. فإذا كانت تسعي للدولة الثيوقراطية المستبدة تصبح هذه المنظمة رجعية و متخلفه مهما كانت الجماهير تعتقد أنها منظمة تحمل الحل السحري. و يصبح نفوذ هذه المنظمة وسط الجماهير نفوذا رجعيا يجب مقاومته.هذا هو بالضبط كان تحليل الاشتراكيين للنازية – فهم أيضا فهموا أنها رجعية و لكنها متناقضة – و هذا بالضبط الذي فهمه شيوعيي المرحلة الثانية عن الاتحاد الاشتراكي الخ.
النقطة الثانية في فهم الكاتب للإخوان هي أنها "المنظمة السياسية الجماهيرية الوحيدة في مصر، " و بلا شك ربما هناك مئات الالف أعضاء في الأخوان. لكن هل هذا معناه أنها منظمة سياسية جماهيرية؟ يتغافل الكاتب في وصفه للإخوان عن الطبيعة الأساسية لها و هي أنها منظمة دينية. هذا هو المحور الأساسي لها كما تعرف نفسها و كما يعرفها الناس. و المنظمة الدينية بطبيعتها منظمة غير جماهيرية. لأن المنظمة الجماهيرية هي تلك المنظمة التي تتمتع فيها "الجماهير" بقدر من حرية التقرير. و إلا كان الحزب الوطني منظمة جماهيرية و كذلك الطرق الصوفية. و مؤسس الأخوان و كل مرشديها بعده أكدوا علي تلك الطبيعة الدينية. بل أن مؤسس الإخوان كان يكره الساسة و الأحزاب و يعتبرهم "من عمل الشيطان" و هي تنبي علي أصلاح الفرد لأصلاح الجماعة آي أنها لا تنبني علي حركة الجماهير. بالتأكيد أستخدمت الجماهير لأغراض سياسية و حتي إرهابية في تاريخ الإخوان و لكن هذا لا يعطيها صفه المنظمة الجماهيرية.هذا علي عكس النقابة مثلا التي تنبني علي أساس حركة جموع العمال – لو نظريا – و تهدف لأصلاح الجماعة و ليس الفرد الخ. و نلاحظ هنا أن كل المواقع التي يحظي فيها الإخوان بنفوذ واسع – مثلا الجامعات و نقابة الأطباء – هي مواقع متخلفة عن المستوي العام للحركة. و هذا دليل عملي علي مستوي جماهيرية الإخوان. و يجب أن نضيف أن أي منظمة عرضة للتغيير و التبديل حسب تطور الصراع. و لا يمكن تصور منظمة ساكنة. لكن يجب أولا البرهنة علي أن تحول ما أصاب الأخوان قبل أن نمنحها صفة المنظمة الجماهيرية. و لكن الكاتب يهمه جدا الطبيعة الجماهيرية المزعومة للإخوان لأن هذا ما يداعب خيالة كما سنري.
دائما كان السؤال يطرح أما مع هذا أو ضد ذاك أى أما مع الإخوان و ضد النظام أو العكس. و هو طرح بائس لابد أن يفضي إلي النتيجة الخاطئة. و الكاتب يقدم لنا نفس هذه المعادلة الخاسرة.
ما هو الخطاء في فهم الكاتب للأخوان؟ يتصور الكاتب أن الأخوان حضانه للجماهير و لا يستطيع أن يتصور أن الجماهير تشبعت بالمواقف الرجعية و اليمينية للأخوان طوال عقود من تحالف الأخوان و النظام الحاكم. تحالف نشاء بداية لمواجهه اليسار كما هو معروف ثم أستمر لمواجهه القوي الإرهابية الإسلامية. مما أدي إلي هيمنة الأخوان علي مناحي حياة كثيرة مثل مؤسسة الأزهر و مثل الجامعات و النقابات المهنية الخ. و الجماهير الحانقة علي النظام و الراغبة في التغيير حينما تخرج للشارع تخرج محملة بمقولة "الإسلام هو الحل" كشعار أى أنها تحمل الشعار الرجعي الذي تلقته . لما لجأت الجماهير للأخوان هل الدعاية المكثفة وحدها السبب؟ بالقطع لا. أن هذه الدعاية لم تكن تجدي لولا التحلل الاجتماعي الذي أثر على الشعب المصري كله في عصر الانفتاح و الهجرة للخليج و البترودولار ثم العولمة – النيوليبرالية – و أي مطلع علي الواقع الاجتماعي في مصر في الستينات و الآن يدرك حجم التفاوت الضخم في أوزان و طبيعة الطبقات. فالمجتمع الذي كانت طبقاته الأساسية طبقات منتجة – فلاحين و عمال و موظفين – أصبحت طبقاته غير المنتجة – طبقة المهمشين أو شديدي الفقر غير المرتبطين بالعملية الإنتاجية بأي معنى وثيق - أغلبية و وسط الطبقات المنتجة أكثرية تنتج للخدمات. هذا التحول لا يقاربه أي تحول أجتماعي أخر في مصر منذ تحولها للرأسمالية حتي ذلك التحول الذي جرى أبان الناصرية لان الناصرية لم تقدم إلا تعميقا لاتجاهات سابقة. عدم أدراك هذا هو خطاء كريس هارمان و هو خطاء كاتبنا هنا. أن تلك القوي الرجعية تتمتع بالجماهيرية لان الجماهير رجعية . أرجو ألا يثير هذا فزع "الماركسيين" و أنصحهم بإعادة قرأة ماركس أو التجول في شوارع القاهرة. الجماهير ليست قوة ثورية دائما الجماهير لها ميولها و توجهاتها التي تتبدل حسب أحوال الصراع الطبقي. و من المنطقي بعد فترة طويلة من اللافاعلية الثورية أن تكون الجماهير مشبعه بأفكار رجعية كما الحال لدينا تماما.
الأخوان يجب أن يعاملوا كآي قوة سياسية حسبما يسلكون سياسيا فإذا كانوا مع الخصخصة و مع سلب الأرض من الفلاحين و علاوة علي ذلك مع قهر المسيحيين و النساء – كما هو حالهم - فكل ميل نحوهم من كتلة يسارية هو ببساطة يمينية تماما مثل أي ميل نحو النظام. أن ما يدعونا له الكاتب هنا هو يمينية صريحة و هي أيضا مفهومة في ضوء غياب الحركة الجماهيرية لفترة طويلة. و هذا طبعا لا يمنع الإخوان من أن يزايدوا علي النظام كما لا يمنع الحزب الجمهوري من معاداة الديمقراطي الأمريكي و كلاهما أحزاب الرأسمالية الكبيرة.
و اليسار ليس مضطرا لان يكون أما مع النظام أو مع الإخوان. اليسار دوره الأساسي خاصة لانه ضعيف جدا أن يبنى نفسه كقوة مستقلة تماما ضد الاثنين ربما حينما يكون اليسار قويا جدا و له جماهير واسعه تثق فيه يكون عندة الرفاهية أن يلعب مع القوي السياسية الأخري لكن الآن للأسف ليس هذا حالنا
ثم أن الكاتب يبدي أشمئزازا من التنوير و التنويريين و يقدم شيئا مضحكا جدا حينما يقول "فاليسار التنويري ينظر إلى الساحة السياسية ـ ككل التيارات الليبرالية ـ على أنها منقسمة ما بين أصحاب الأفكار، أي أن الصراع السياسي في جوهره صراع عقائدي، وهو بذلك ينحي جانباً المصالح الطبقية " بداية أحب أن أقول أن كارل ماركس و غيرة من كبار القادة الاشتراكيين كانوا تنويريين مع حقوق النساء و الأقليات الخ. و كل تشوية لتلك القضايا أو احتقار لها يضع الشكوك حول أشتراكية صاحب هذا التشكيك. ثانيا نعم الساحة السياسية هي صراع أفكار ما الخطاء في ذلك. و يا ليت الكاتب أخذ من وقته كي يطلع على جرامشي مثلا. نحن الاشتراكيين نفهم أن تلك الأفكار تعكس مصالح طبقية متعارضة و متصارعه أو حتي متعادية. لكن صراع الأفكار قائم.و هذا لا يعني تنحية المصالح الطبقية هذا هو صلب المصالح الطبقية. فحينما يقول رئيس الوزراء أنه سيحول التأمين الصحي لشركة قابضة – هذه الفكرة – تعكس مصالح مستثمرين كبار في الصحة يتكلم باسمهم و اليسار حينما يطالب بنزع كل سيطرة للحكومة علي التأمينات – فكرة آخري – فانه يريد للشعب الذي يمثله أن يكون هو المسيطر عليها الخ. و لكن الكاتب يمج أفكارا معينة تحديدا مثل حقوق الأقليات الدينية و حقوق المرأة لانها عقبة في سبيل ما يريده من تنسيق مع الأخوان. و هذا ليس سلوكا أشتراكيا بالمرة أن تضحي بما أنت نفسك مقتنع به من أجل تحالف – من نوع ما – مع قوة تعتبرها أنت نفسك رجعية. و هنا نلاحظ أن الكاتب ينتقد رفعت السعيد لكتاباته عن ما يسمي بالتنوير آي ينتقد فيه بالضبط الشيء الإيجابي الذي يفعله. مشكلة رفعت السعيد و غيره ليس نقدهم للأخوان و دفعهم لقضايا "التنوير" مشكلته أنه لا يري أن النظام ضحي بتلك القضايا للحفاظ علي السلطة من خلال التحالف مع الأخوان و غيرهم. مع ملاحظة أن التجمع نفسه مر بمرحلة التحالف مع الإخوان ألتي يدعونا لها الكاتب هنا.
و تأكيدا أن الكاتب لا يدفعه الرغبة العارمة للتحالف مع الأخوان من أجل سواد عيونهم بل لسبب آخر واضح و هو الرغبة في التواصل مع الجماهير.كما لو كان الأخوان بوابة الجماهير و كما لو كانوا قوة سياسية جماهيرية كما يقول. الأخوان كتنظيم سياسي يحتقر الجماهير و لا ينظر لهم إلا كمفعول به. مثلا يقول "على الرغم من سيطرة الأفكار الرجعية عليهم، يقاتلون لأنجاح مرشحيهم بهدف القضاء على فساد نظام مبارك واستبداده، وهي الأسباب الرئيسية ـ من وجهة نظرهم ـ للفقر وتردي أحوالهم المعيشية " أسف أن (الجماهير) التي يتحدث عنها الكاتب تريد أقامة الدولة الإسلامية التي ستملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت جورا أي جماهير مضلله. ناهيك عن أن معظم هذه الجماهير يحركها دوافع آخري – عشائرية و عائلية – في الانتخابات. الوصول للجماهير و تصور أن الجماهير علي حق – دائما - هو مرض معروف لدي الاشتراكيين باسم "تقديس العفوية" هذا المرض هو السبب الأساسي لاستعداد الكاتب للتضحية بقضايا الحريات و بالتحالف مع القوة الرجعية. الوصول للجماهير بآي ثمن حتى لو كان هذا الثمن هو التخلي عن الاشتراكية. و تقديس العفوية كان دائما مرتبط بالميول اليمينية في الاتجاهات الاشتراكية.
و الآن بعد مرور 3 سنوات علي كتابة هذه المقالة و أتضاح للمرة الألف أن الأخوان لا يمكن أن يكونوا حلفاء و لا يمكن أن يكونوا قوة جماهيرية و أن 88 منهم في البرلمان أقل فاعلية من آحاد من المعارضة و جل أهتمامهم مركز علي أزياء النساء. و مع أتساع المد الشعبي و بروز أمكانيات التحرك الجماهيري المستقل لليسار و غيره أعتقد أن الوقت قد حان لنقد ثوري لحقبة التحالف مع الإخوان سيئة الصيت. و الاشتراكيين الثوريين و غيرهم من اليسار في هذه المرحلة أو تلك(تحالفوا) – بين قوسين لأن التحالف لا يكون إلا بين قوي متقاربة الوزن – فما هي نتائج هذا التحالف؟

2 comments:

  1. تحليلك وتحليل كاتب المقال يرجعني الي سوال شغلت به بالي طوال فترة طويلة جدا ولازلت حتي الان أحاول الاجابة عنه - بصفتي أحد المنظمين داخل الأخوان المسلمين وذو ميول يسارية حسب ما يصفني أصدقائي - والسوال هو هل الإخوان يمنيون ؟
    السوال قد يبدوا غريبا لان أغلب المحللين السياسيين واستاذة العلوم السياسية يضعون الاخوان في خانة اليمنيون كاحد الخطوات البديهية عند دراسة الاخوان وهو الامر لاذي اراه غير صحيح
    فتصنف الاخوان علي أنهم يمنيون هو أمر غير صحيح بالمرة فعلي سبيل المثال في النواحي الاقتصادية يومن الاخوان بالكثير والكثير من المبادي الاقتصادية التي تتبناها الحركة اليسارية والتي هي مستمدة في الاصل من الاقتصاد الاسلامي
    لا مجال هنا للخوض كثرا في أجابة ذلك السوال العميق ولكني ادعو الكاتب الي التفكير من جديد فيما رائه قبل قليل ثابت وهو ان الاخوان يمنيون وادعوك لتسال نفسك في البداية هل الاخوان يمنيون أم يساريون
    حاول ان تسال السوال كما سال نيوتن نفسه السوال قبل مئات السنين عندما سقطت التفاحة من الشجرة فنيوتن لم يسال نفسه لم سقطت التفاحة لاسفل بل سئل لما لم تسقط لاعلي وكان أكتشاف الجاذبية الأرضية
    تحياتي

    ReplyDelete
  2. أ/ أحمد
    الأدلة علي يمينية الأخوان كثيرة و اليمينية لا تتبدي في القضايا الأقتصادية فحسب بل في كل القضايا. فمثلا عداء الأخوان للحريات العامة - البرنامج ينص علي هيئة من الفقهاء فوق سلطة الشعب - و أدلة أخري كثيرة كلها أدلة علي اليمينية
    أما الجانب الأقتصادي فأحب أن أقول لك أنني لا أعتقد فيما يسمي بالأقتصاد الأسلامي هناك أقتصاد رأسمالي حيث الملكية فردية و أقتصاد أشتراكي حيث الملكية عامة و ها يسمي أقتصاد أسلامي هو أقتصاد رأسمالي. أما الأدلة العملية فكثيرة. موافقة نواب الأخوان علي قوانين نزع الأرض من الفلاحين و علي الخصخصة و علي الخضوع لشروط البنك الدولى الخ. يضاف الي ذلك أن الأخوان ليسوا في الحكم فيمكنهم أن يذايدوا علي النظام
    هذا لا يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك أسلام يساري أو يسار أسلامي - مثلك - لكن الأخوان الحاليين و الذين نعرف تاريخهم هم يمينيين حتي النخاع و أذا أحببت يمكن التفسير أكثر كثيرا
    شكرا

    ReplyDelete