Sunday, February 1, 2009

٢١ فبراير ١٩٤٦


21 فبراير 1946
قبل هذا اليوم المجيد في تاريخ كفاح الشعب المصري تشكلت اللجنة الوطنية للعمال و الطلبة لجنة منتخبة من طلاب الجامعات و مدارس الثانوي و المناطق العمالية. دعت هذه اللجنة إلي أعتبار هذا اليوم 21 فبراير 1946 يوما للجلاء. و في ذلك التاريخ خرج مئات ألألاف من المصريين عمالا و طلبة للشوارع و تعطلت المصالح ساروا في خمس مظاهرات حاشدة من شبرا الخيمة حتى الجيزة تجمعت في ميدان التحرير حيث أشتبكت مع قوات الاحتلال الانجليزي التي أطلقت عليهم النار فسقط منهم 28 و جرح العشرات. كان الشعار الذي رفعته اللجنة بالنيابة عن الشعب المصري هو الجلاء التام عن وادي النيل (مصر و السودان) دون أي تحفظات. و ذلك في مقابل ما يسمي بمعاهدة صدقى - بيفين علي اسم إسماعيل صدقى رئيس الوزراء التي كانت تربط مصر بالمحتل بتعاهد جديد بديلا مقنعا للاحتلال. و أغلب من أنتخب لهذه اللجنة من أنصار اليسار المصري الشيوعيين و الطليعة الوفدية كما أنتخب عدد من الإخوان لكنهم سرعان ما أنسحبوا من اللجنة . و شكل الإخوان لجنة مناوئة سموها اللجنة القومية ثم أنسحبوا منها هي الأخري. و أنحازوا إلي صف رئيس الوزراء إسماعيل صدقى الذي كانت المظاهرات ضده بالأساس. و قد تكرر المشهد في 4 مارس 1946 الذي أعتبرته اللجنة يوما للشهداء و لكن كان ميدان المعركة الأساسي في الإسكندرية حيث سقط العشرات في مواجهات مع جنود الاحتلال. و أول ثمار تلك الانتفاضة كانت قرار قوات الاحتلال بالجلاء عن المدن المصرية و التمركز في قناة السويس.و من بين مئات المشاهد و البيانات و التعليقات على هذا الحدث الفذ أذكر هنا ملمحين اولهما بيانا أصدرة طلاب الجامعة اليهود و نشر في صحيفة المصري و قالوا فيه أن اليهود المصريين مكانهم مع أخوتهم المسلمين و المسيحيين في الكفاح ضد الاستعمار و أدانوا الصهيونية كأداة أستعمارية و أختتموه بعبارة "عاشت مصر حرة عاشت فلسطين حرة”. ثانيهما أن مظاهرات أندلعت في كثير من الدول العربية و المستعمرة تأييدا للشعب المصري في نفس اليوم. و سقط فى الهند ضحايا أكثر من مصرفي ذلك اليوم من الهنود الذين خرجوا تضامنا مع انتفاضة الشعب المصري . و تكريما لهم أعتبر هذا يوما للطلاب في العالم. كان هذا التاريخ محطه هامة في النضال المصري ضد الاستعمار ليس لحجم التظاهرات و لا شمولها فحسب بل أساسا للترابط بين طبقات الشعب الحضرية من العمال و الطلاب و لانتزاع هذا الزخم الجماهيري للتنظيم المستقل الديمقراطي الفاعل كذروة لم تصل لها الحركة الجماهيرية مطلقا منذ ذلك الحين. و أستمرت الحركة في عام 47 حيث وقع نحو 400 إضراب عمالي. و كان من الممكن لهذه الحركة الجبارة أن تتطور و تتجاوز نواقصها و تتبنى شعارات أجتماعية واضحة و تتعمق لتصل للريف المصري و يتسع أفقها لطرح الجمهورية الديمقراطية الشعبية بديلا عن الملكية ألمكروهة. لكن القصر لجاء إلي حرب 48 كوسيلة لصرف أنظار الشعب وزج بالجيش في معركه مباعه مسبقا . و باسم فلسطين تم القبض على كل نشطاء الحركة الشعبية المصرية المطالبة بالجلاء. و باسم فلسطين جرت محاولة تخريب الحركة الشعبية و جرها للعداء للمصريين اليهود بل حتى المصريين المسيحيين. و باسم فلسطين قام الإخوان بحملات إرهابية بحق كلا الطائفتين. و من يومها أصبحت فلسطين الحق الذي يراد به باطل و كلمة السر لوأد حركة الشعب لحياة حرة كريمة. أن انتفاضة 21 فبراير هي جزء من التراث النضالي للشعب المصري. و درسها الأساسي هو أن الكفاح من أجل حقوق الشعب يجب أن يبدأ بالشعب نفسة و أن يتسلح بالتنظيم الديمقراطي و أن يتركز من أجل إنجازات ملموسة لصالح المصريين. ما أشبه الليلة بالبارحة و ما أحوجنا الآن إلي تأمل هذا الحدث التاريخي و أستجلاء دروسه. و في هذا السياق يجب أن نتذكر شهدائنا الذين ضحوا بأرواحهم لمصلحتنا جميعا و أن نحيى مناضلينا – و ربما بعضهم ما زال بيننا حتى اليوم – الذين دافعوا ببسالة ضد الاحتلال و الطغيان.
2/1/2009
المصدر الأساسي هنا هو كتاب عمال و طلاب فى الحركة الوطنية المصرية الصادر عن دار المحروسة تحرير د. عاصم الدسوقى.

No comments:

Post a Comment