علي هامش كوبنهاجن
الاحتباس الحراري - خلفية علمية لحد ما
ظاهرة الاحتباس الحراري ظاهرة طبيعية. فالشمس تدفئ الأرض بأشعتها و الأرض تعكس الحرارة التي أكتسبتها ليلا. لكن الغلاف الجوي للأرض يحتفظ بقسم أساسي من تلك الحرارة المنعكسة. تماما كما يحدث في الصوبات الزجاجية التي تربي فيها النباتات. و بدون تلك الظاهرة الطبيعية تصبح الأرض شديدة البرودة. المشكلة تنشأ حينما تزيد حدة تلك الظاهرة فتحتجز أكثر مما يسمح به التوازن الدقيق المبني علية نظام المناخ في الأرض. و النشاط البشري خاصة منذ الثورة الصناعية يضخ كميات كبيرة جدا من الغازات في الغلاف الجوي تساهم في أزدياد حدة هذه الظاهرة. و منذ نهاية الحرب العالمية تسارع أنبعاث تلك الغازات و أهمها ثاني أكسيد الكربون في الجو. و ثاني أكسيد الكربون هو الأخر جزء أساسي من التركيب الطبيعي للأرض. فالحياة علي الأرض حياة كربونية. أى أن عنصر الكربون يدخل في تركيب كل الكائنات الحية . و ثاني أكسيد الكربون له دورة خاصة في مناخ الأرض. فهو ينبعث من النشاط الحيوي – عملية الزفير مثلا – و يمتص من قبل النباتات و كائنات البلاكتون العائمة علي أسطح كل البحار و المحيطات. و مرة أخري هذه العملية الطبيعية أزدادت حدتها بفضل توسع النواتج الصناعية – حرق الفحم و البترول و المواصلات الخ – و من ناحية أخري فأن الغابات التي تمتص ذلك الغاز يجري أزالتها بمعدلات متسارعه. و متوسط تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو الآن حوالي 386 جزء من المليون. بينما كان 320 جزءا في الأربعينات. و يعتقد العلماء أنه حالما يصل التركيز إلي 450 جزء فسيحدث أنهيار تام لمنظومة امتصاص ثاني أكسيد الكربون. حيث ستؤدي زيادة نسبة الكربون في الجو و الحرارة المرتفعة ألي زيادة الغطاء النباتي الذي يفرز الكربون بمعدل أكبر من امتصاصه و إلي تدهور قدرة المحيطات علي أمتصاص الكربون مما يؤدي إلي مزيد من الكربون في الجو و مزيد من الحرارة أي سندخل في دائرة مغلقة حتي لو توقف العنصر البشري تماما. و ثاني أكسيد الكربون هو أحد الغازات الأساسية التي تحتفظ بالحرارة المنبعثة من الأرض. و أزدياد حرارة الأرض بمقدار ضئيل جدا ينجم عنه كوارث بيئية بلا حصر. فمثلا يذوب الجليد في القطب الشمالي – يلاحظ أن القطب الشمالي بحر علي عكس الجنوبي الذي هو قارة - و من المتوقع أختفاؤه كليه . مما يؤدي لارتفاع منسوب مياه البحر و غمر سواحل القارات بما فيها المدن و المراكز السكانية. و وجود القطب الشمالي البارد في مقابل مياه المحيط الأطلسي الدافئة عند خط الاستواء يدفع تيار الماء من البارد إلي الدافئ في العمق و العكس علي السطح و هذه المنظومة مسئولة عن تنظيم الحرارة و الرياح و الظواهر الجوية الأخري. لذا فاختفاء القطب الشمالي سينجم عنه أضطراب واسع في التيارات البحرية التي تلعب دور المنظم لجو الأرض. و مثل هذا عن المنظومات الشبيه في المحيطات الأخري.و اضطرابات الطقس ينجم عنها عدم أنتظام الأمطار و حدوث الجفاف المستمر و كذلك الأمطار العنيفة. بالإضافة إلي ظواهر الطقس خارقه الأبعاد – الأعاصير و الدومات الهوائية و حرائق الغابات من أيعاد غير مسبوقة – التي تقتل سنويا مئات الألف – ضحايا أعصار كاترينا في الولايات المتحدة 1800 رغم كل التقدم و الاستعدادات – و هناك بعد خاص بالأحياء فالتقلبات الجوية الحادة سينجم عنها أنقراض عديد من الكائنات الحية و بالتالي فقدان الوظائف الطبيعية لتلك الكائنات في بيئتها الطبيعية. يضاف إلي التأثيرات الحيوية توقع أنخفاض أنتاجية المحاصيل الزراعية – بسبب تبدل المناخ المعتاد لها – مما قد يؤدي لمجاعات بل أن تلك المجاعات تجري الآن فعلا.
في عام 2008 سبقت الصين الولايات المتحدة كأكبر منتج لغازات التلوث في العالم. لكن الولايات المتحدة ما زالت أكبر منتج للتلوث بحسب عدد السكان. و يلي الولايات المتحدة الدول الصناعية الكبري و كذلك الدول التي تحتوي غابات شاسعه – البرازيل روسيا اندونيسيا أفريقيا جنوب الصحراء – و يتم تطهير تلك الغابات من الأشجار. و تحتل مصر مكانها ضمن قائمة من 20 دولة الأكثر تعرضا للضرر. و ذلك لأن معظم الدلتا أو ثلثها معرض للغرق تحت البحر بعد ذوبان جليد القطب الشمالي. و لأن الدلتا بها أكبر عدد من السكان و المصدر الأساس للإنتاج الزراعي فحجم المخاطر مهول. ناهيك عن حجم التكاليف الضرورية سواء لبناء سد علي البحر بطول الشاطئ أو للتراجع بالسكان لداخل مصر. و هناك حتي أقتراح ببناء سد بين البحر المتوسط و الأطلسي عند جبل طارق لحماية كل الدول. كلها مشروعات أقرب للخيال سواء في طبيعتها أو في حجم الأموال المطلوبة لها لكن الخطر ليس خيالا.
No comments:
Post a Comment