Monday, December 9, 2013

الدستور

الدستور

الاستفتاء علي مشروع الدستور الجديد – القديم 2013 يثير العديد من القضايا علي مستويات متعددة .و لبناء موقف ثوري و جاد يجب تفكيك هذه القضايا ضمن مستوياتها

1 – الحقيقة الأساسية في الحياة السياسية في مصر هي أن هناك صراعا ضاريا بين كتلتين من كتل الرأسمالية المصرية و داعميهم الأجانب . الكتلة الأولي و الكبرى هي كتلة الجيش – البيروقراطية – رجال الأعمال و الثانية هي الإخوان و حلفائهم و لا شك أن كلتا الكتلتين علي عداء جذري مع الثورة.

2 – أن مجمل القوي السياسية الأخري هي ضئيلة بجانب الكتلتين و كلما كانت أحدهما أقرب لكتلة منهم كلما كان لها وزن ما
3 – أن قوي الثورة – و هي البرجوازية الصغيرة – مشتته و غير منظمة و قوي الشعب المنتج و الفقير تكاد أن لا تكون موجوده في هذه المعادلة . أما قوي اليسار فهي هامشية.
4 – أن الدستور هو أنعكاس لموازين القوي الواقعية علي الأرض و ربما حمل هذه أو تلك من المواد العظيمة المعني و لكن التي لا مستقبل لها في التطبيق العملي . ما لم تنهض قوي صاحبة مصلحه تفعلها
5 – أن من وضع الدستور هو تحالف الرأسمالية الكبيرة الحاكمة باستثناء الإخوان مع ممثلين عن القوي الديمقراطية . و أن كان شبح الثورة كان يحوم في المكان فوضعت مواد جيدة تتعلق بالحريات و العدالة الاجتماعية بشكل عام
6 – أن لجنة الخمسين ما كان لها أن تنعقد لولا دبابات الجيش خارج البوابة تحمي المقر من أرهاب الإخوان.و هذا يجعل للجيش كلمة حاسمة في اللجنة دون أدني شك.
7- طبيعة الاستفتاء علي الدستور غير انتخابات الرئاسة . ففي انتخابات شفيق – مرسي كان يمكن أن تحجب صوتك عن كليهما لكن في الاستفتاء ب "نعم" أو "لا" كل شيء عدا "نعم" يحسب لصالح "لا" لان الاستفتاء يقتضي نسبة معينة من التصويت كي يمر المشروع . لذا فكل مشاريع المقاطعة و أبطال الصوت هي مشاريع "لا" متخفية سواء عن قصد أو دون . حتي أن الإخوان أنفسهم اعلنوا انهم سيقاطعون الاستفتاء – و لا شك عندي أنهم سيتراجعون عن ذلك لصالح "لا" الصريحة.
8 – التصويت "بنعم" يصب في صالح الطبقة الحاكمة الآن (المؤسسة العسكرية – البيروقراطية – رجال الأعمال ) التصويت ب "لا" يصب في صالح الإخوان . و كذلك المقاطعة و الأبطال . هذه هي حقيقة الصورة التي ربما يجملها البعض ببعض العبارات و هذا هو سبب الارتباك الكبير حول الموقف من الاستفتاء. فأنت في النهاية مضطر لأن تنحاز لأحدى الكتلتين مهما غلفت هذا بكلمات ثورية.
9 – نظرية "الثورة لا تختار بين أعدائها" لا تصلح هنا كما أوضحت سابقا فكل صوت بنعم يذهب لكتلة و كل صوت ب "لا" أو عدم التصويت يذهب للأخري
10 – أن هذه هي معضلة الثورة التي رافقتها منذ يناير 2011 غياب البديل الثالث الثوري في أشد صورها حدة.
11 – مشروع الدستور من زاوية الحريات العامة و الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و صلاحيات رئيس الجمهورية هو بالتأكيد أفضل من دستور 2012 و لحد ما دستور 71 أيضا .و هناك إضافات مهمة في الصحة و التعليم و البحث العلمي و حقوق الأقليات و منع التمييز و تجريم التعذيب. رغم ملاحظات كثيرة علي النصوص هنا و هناك لكن أجمالا هذا هو الوضع
12 – نقطة الاشتعال حول قضية المحاكمات العسكرية للمدنيين حدث بها تحسن عن دستور 2012 من زاوية حذف صلاحية الرئيس في تحويل قضايا للمحاكم العسكرية و تحديد أفضل للجرائم التي تستوجب محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية . و يظل وجود المادة ثغرة في بناء ديمقراطي مدني حقيقي
13 – رغم بقاء المادة الثانية التي تشكل أساسا لدولة شبه دينية و هي المادة الموروثة من دستور 71 المعدل و كذلك المادة التي تخص احتكام أصحاب الشرائع السماوية و التي تكرس للطائفية الدينية-. و كلتاهم ثغرة أوسع كثيرا في بناء ديمقراطي مدني من ثغرة المحاكمات العسكري-. فأن مشروع الدستور لغي المادة 219 في دستور 2012 التي كانت تعني أن الدولة دولة دينية مكتملة.
14 – المادة الانتقالية المتعلقة ب تحصين منصب وزير الدفاع هي الأخري نقطة مشتعلة لكن عمليا الجميع يعترفون بشعبية السيسي الكبيرة . فربما ساهمت هذه المادة في تقليل دوافعه للترشح و أن ترشح – و غالبا سيفوز كما يتوقع الكثيرين – تصبح المادة مجرد ذائدة بلا معني.
15 – القضية التي لا يناقشها الكثيرين هي ما بعد أقرار المشروع أو عدم أقراره. أقرار المشروع سيؤدي لتقليص نفوذ الجيش حينما سيكون هناك رئيس منتخب و برلمان منتخب – رغم أن الجيش سيظل له السلطة الأكبر من وراء الستار دون جدال. و سيفتح الباب لحياة سياسية متنوعة و لمواصلة العمل من أجل أهداف الثورة . أما عدم أقرار المشروع فسيؤدي أما إلي أقرار دستور 71 بعد تعديله – مع الاحتفاظ بالصلاحيات الموسعة لرئيس الجمهورية فيه – أو إلي أصدار أعلان دستوري ما و في كل الحالات سيطل أمد المدة التي يتمتع الجيش فيها بكل هذا النفوذ . و الأسواء أن تدخل البلاد في مرحلة من الاضطراب علي خلفية الإرهاب و نقترب أكثر من النموذج الليبي.
16 – أن علي كل يساري أن يسأل نفسه أو نفسها ليس مجرد عن شعوره تجاه الدستور أو ما إذا كانت هذه المادة أو تلك تتفق مع معايير ما و أنما عن مصلحة الطبقات الشعبية التي يمثلها في مثل هذا التعقيد الشديد. اليساري الذي لا يري دوره في التعبير عن من يدعي تمثيلهم يفقد صفة المثقف العضوي و صفة اليساري
17 – أعتقد أن طالما تجاوز مشروع الدستور الحد الأدنى المتمثل في دستور 2012 و دستور 71 فأن من مصلحة الطبقات الشعبية أن تنتهي المرحلة الانتقالية بأسرع وقت . خاصة و أن قوي الثورة أبعد ما تكون في المستقبل القريب عن فرض دستور أفضل و لو كان لها مثل هذه القدرة لأظهرتها أثناء وضع الدستور .أي أن مصلحة هذه الطبقات بالتصويت ب نعم للمشروع
18 – أن قوي شبابية و ثورية يغلب عليها المثالية سوف تصاب بالإحباط من التصويت ب نعم دون شك . لكن عليها أن تدرك أنه بدون بناء بديل أجتماعي حقيقي منظم علي الأرض فلا أمل في دستور ديمقراطي حقا و مدني حقا.

No comments:

Post a Comment