Thursday, September 15, 2011

الثورة مسألة جدية

الثورة مسألة جدية
مناقشة لقضية الهجوم علي السفارة الإسرائيلية يوم 9/9
يقول أشهر منظر عسكري الألماني كلاوتزفيتز أن قضية المهاجم الأساسية هي كيف يحشد أقصي قدر من قوته أمام أضعف نقطة في دفاعات الخصم. وفي حرب 73 رفض الفريق الشاذلي هجوم قوات مصرية خارج نطاق حائط الصواريخ في عمق سيناء مما أدي لأقالته من قبل السادات. و تم دفع هذه القوات ألتي لقيت الفناء علي يد التفوق الجوي الإسرائيلي فقد كان من العبث أن نهاجم العدو بقوة ضعيفة في مكمن قوته.
ثم أقتحم شارون قناة السويس بعد حشد فرقتين مدرعتين كاملتين أمام نقطة الفصل بين الجيش الثاني و الجيش الثالث المصري و هي النقطة التي "بالمصادفة" كانت تحميها تلك القوات التي دفع بها السادات للأمام . شارون طبق القاعدة الكلاسيكية و هي حشد أقصي ما يمكن في أضعف نقطة دفاعية. و الثورة فن يماثل الفن العسكري. و ثورتنا المصرية تواجه الأخطار من كل أتجاه و تواجه المؤامرات من كل ناحية. فالعسكر يريدون الحفاظ علي النظام القائم و السلفيين و الإخوان يريدون بناء دولة استبدادية دينية أي نسخة أقبح من نظام مبارك. و الأمريكان يريدون أن تسفر الثورة عن نظام مطيع خانع تابع سواء ديني أو مدني علي طريقة مبارك خوفا من أنتصار الثورة المصرية و ما سيكون لها من تأثير واسع النطاق سيؤدي علي الأقل لإعادة تشكيل خريطة الشرق الِأوسط مثلما حدث بعد 52. و إسرائيل تعلم أن أنتصار الثورة ربما يأذن بنهايتها. الثورة ليست مباراة في العواطف و لا تفريغ شحنات من الانفعال. الثورة قضية شديدة الخطورة و الجدية و يكفي أنها تحدد مصير أكثر من 80 مليون أنسان لعقود مقبلة. لذلك فالسؤال المحوري لكل ثورة و كذلك ثورتنا هو أين نحشد قوانا و في مواجهة أي نقطة و في أي توقيت .آي ما يعرف بلغة السياسية بالأولويات. ما هي الأولوية الرئيسية و الحلقة الحاكمة التي يجب تركيز كل الجهود عليها؟ و إذا كان الجواب علي هذا السؤال هو نركز علي كل الجبهات في كل الأوقات فهو يعني ببساطة دعوة لهزيمة الثورة. و ما حدث يوم 9 سبتمبر يكشف عن كيف تنحرف الثورة عن أهدافها و يكشف لما يجب علي الثوريين أن يقفوا موقف الفريق الشاذلي و يرفضون تقدم القوات في الاتجاه و التوقيت الخاطئ.القضية هنا ليست "هل من حقنا" و ليست "هل من واجبنا" و أنما السؤال هو ما هي مصلحة الثورة في هذه اللحظة و في هذا المستوي من توازن القوي؟ و يحاول كثيرين أن يستبدلوا ما هي مصلحة الثورة بما هو من حقنا. لقد كان من حق الشاذلي أن يدفع القوات للأمام لتحرير سيناء بل كان من واجبه بل كان هذا هو ما يتمناه و يريده و عاش حياته من أجله لكن الشاذلي فهم أن القضية خطيرة و أن الأساسي هو ما هي مصلحة التحرير في هذه اللحظة و هذا المستوي من توازن القوي وليست الرغبات و قرر أن يعارض رئيسه و يضحي بتاريخه العسكري فيما كان هو شخصيا يتحرق لإنجازه. و رغم أن المقارنة بين موقف الشاذلي و عملية السفارة ليست عادلة فالشاذلي كان يحرك قوات تغير الواقع علي الأرض بينما ما حدث في السفارة الإسرائيلية هو عمل له طبيعة رمزية لا أكثر إلا أن هذا يكشف عقم التفكير الذي يزعم أن علينا أن نقوم بما هو من حقنا و ليس ما هو من مصلحتنا. و من ناحية آخري فأن الشاذلي كان يعلم أن هذه القوات لها دور محدد في سياق المعركة فليست المسألة أيضا أن يتم الاستفادة من هذه القوات أم لا و أنما كيفية هذه الاستفادة. و هذه نقطة آخري لا يتناولها هؤلاء الذين يؤيدون عملية السفارة هل القوات التي اقتحمت السفارة الإسرائيلية كان لها دور تم تحديده في بيانات ما قبل يوم 9/9 أم لا؟ و في الحقيقة كانت هناك منجزات حقيقية مطلوب من هذه القوات تحقيقها – الإفراج عن المعتقلين إلغاء القوانين القمعية الخ – لكنها طبعا لا يمكنها أن تنجز أمرين في نفس الوقت.
ماذا حدث
أن صورة الثورة المصرية هي صورة ثورة بدأت و لم تكتمل حققت جزء هينا من مطالب الشعب و باقي أجزاء عديدة لم تحققها و أهم شيء هو أن الثورة لم تنجح بعد في أقامة نظام ثوري ديمقراطي يكفل تحقيق مطالبها سواء هذا النظام من أعلي أو من أسفل. لم تنجح الثورة في أن تستحوذ علي السلطة السياسية المركزية في مصر و لم تنجح الثورة -حتي الآن – في أن تستحوذ علي السلطة و تدير حياة الشعب حيثما يتواجد آي من أسفل.و هذه هي المهمة الأساسية لكل ثورة .و من ناحية آخري و علي علاقة وثيقة بمستوي تطور الثورة في هذه اللحظة لم تنجح الثورة بعد في بلورة قيادة سياسية أو تنظيمية لحركتها و ظلت بين يدي عديد من الحركات الشبابية و الأحزاب الصغيرة و الائتلافات. و عدم تبلور قيادة للثورة علي علاقة وثيقة بعدم قدرة الثورة حتي الآن علي أنجاز أهدافها. كلاهما يعوق الأخر و كلاهما يدفع الأخر. فمع تطور الحركة و الوعي الثوريين تصبح الفرصة مهيئة أكثر لميلاد التحالف الشعبي الذي يقود الثورة للنصر. و علي العكس عدم تبلور هذا التحالف يعيق تقدم العملية الثورية. و لآن ثورتنا عفوية في أساسها حتي أن كثيرين يجادلون بجدية فيما أن كانت ثورة أم لا. فأن كل دفع للعملية الثورية يؤدى لمزيد من تبلور الثورة و تحققها الواقعي و التنظيمي.أي أنه لا يمكن أختراع قيادة للثورة لكن يجب الوعي بأهمية القيادة و مع كل خطوة للأمام تخطوها الثورة يزداد هذا الوعي لدي جمهور الثوريين و يزداد الفرز بينهم و تتبلور أكثر تلك القيادة الثورية.
و عبر الجمع المختلفة تطورت العملية الثورية فخرجت منها أولا القوي الرجعية – الإخوان و السلفيين – و برز فيها أكثر القوي صاحبة المصلحة في التغيير الجذري الفقراء في الحضر و نما وجود اليسار و اليسار الليبرالي في قلب الثورة. و شهدت جمع 27 مايو قفزة للأمام بالتحرر التام من الوجود الرجعي الإخواني ثم شهدت جمعة 8 يوليو قفزة أكبر فعمت الاعتصامات مصر من شمالها لجنوبها و استمرت أطول فترة. و كان مقدرا لجمعة 9/9 – بعد الإجازة الرمضانية – أن تحقق قفزة أوسع للأمام بحضور ملموس للفلاحين لأول مرة في الثورة و أعلان التراس النوادي مساندته للثورة و مظاهرات حاشدة في أنحاء مصر تضع قضايا التحول الديمقراطي – الإفراج عن المعتقلين و إلغاء القوانين القمعية – في صدارة أهدافها. و بالفعل بدأت الجمعة بهذه الصورة المشرقة و استمرت كذلك إلا في المركز القاهرة. و في نفس اليوم انسحبت قوات الأمن من مواقعها تاركة حتي المواقع الحساسة دون حماية حتي أن قوي الثورة في العديد من المحافظات أعلنت أنها تندب نفسها للحماية. و قبل الجمعة كانت كل القوي المشاركة فيها أعلنت برامجها و مطالبها التي كانت تقريبا موحدة إلا حملة جديدة "الشواكيش" التي أعلنت أنها ستهاجم الجدار الذي بني حديثا حول السفارة الإسرائيلية. و بالفعل بينما الناس في التحرير كانت هناك مجموعة صغيرة من المتظاهرين تهدم هذا الجدار في ظل انسحاب أمني و ما أن هدم الجدار حتي تجمعت أعداد أكبر و بدأت تهاجم السفارة و نجحت في الوصول لأحد شققها.ثم أنقض الأمن و سقط 3 شهداء و 1000 جريح.و لأول مرة أصبح لدينا في الثورة ظاهرة جديدة و هي الانقسام في صفوف الثوار هناك أغلبية تسعي لمواصلة العمل الثوري الذي بدأ يوم 25 يناير و أقلية تريد أن تتصدي لإسرائيل! أي كان معني ذلك و هذا ما كشفت عنه الاستطلاعات بعد أنتهاء اليوم.لقد نجح النظام و المجلس العسكري و القوي الرجعية في حرف مسيرة الثورة و تقسيم صفوفها من خلال قضية السفارة مؤيدين بقوي قومية و يسارية قومية و قوي رجعية صراحة لا تنظر للثورة من منظور شعبي و أنما من منظور قومي رجعي أستبدادي.
من أقتحم ألسفارة؟
يجب علي قبل الاستطراد أن أوضح نقطة جوهرية أثارتها نقاشات و أعلام مضلل. و هي أن من أقتحم السفارة هم ثوريين إصلاء و من راح منهم -ثلاثة- هم شهدائنا شهداء ثورتنا و من جرح منهم هم جرحانا و من أعتقل منهم هم آسرانا الذين يجب أن يتصدر الإفراج عنهم المطالب لا يجب أن يكون هناك أي شك في هذه النقطة. تماما كما أن الجنود الذين زج بهم السادات في الموقع الخطاء و التوقيت الخطاء هم شهدائنا و هم أبطالنا لا يفرق في هذا أن كان أتيح لهم أن يقاتلوا أم قدموا علي مذابح الاستسلام. بل علي العكس أن كل قائد مثل الشاذلي يضن بقطرة من دم جنوده أن تضيع هباء و لكنه في نفس الوقت يقدمها سخية حينما تقتضي ضرورات المعركة. و قد أصيب قائد القوات ألتي دفعها السادات بالذبحة حينما جاءه القرار كما يذكر الشاذلي في مذكراته.
قضية وحدة القضايا
ليس هناك أنفصام بين المطالب الثورية في الحرية و في العيش الكريم و حتي في العداء للإمبريالية و إسرائيل. كل هذه القضايا تنبع من قضية واحدة و تصب فيها و هي قضية الصراع الطبقي في مصر. فالفقر ليس قدر لا يمكن رده لكنه نتاج طبقة محددة تسيطر علي الاقتصاد في مصر و تمارسه بالصورة التي تحقق مصالحها و السياسية هي أيضا كذلك و هذا يمتد لعلاقة التبعية و يمتد للعلاقة مع إسرائيل. الطبقة الحاكمة في مصر هي أساس كل هذه السياسيات و تحققاتها الكارثية سواء في الاقتصاد أو الحريات العامة أو علاقة التبعية أو غير ذلك. إذا أتبعنا مفهوم الصراع الطبقي نجد أن القضايا المعقدة تحل في كلمة واحدة و هي ما هي مصلحة تقدم الصراع الطبقي الآن؟ فالفصل بين القضايا – الديمقراطي و الاقتصادي و الوطني أذا جاز التعبير- هو فصل علي صعيد الذهن و ليس علي صعيد الواقع. و هذا مغزي ما يقال عن وحدة القضايا الذي يردده البعض دون فهم لمغزاه العميق. و رجل الشارع أذا سألته من هو مسئول عن التبعية أو الفقر أو أنهيار التعليم سيقول لك النظام و هذا هو المنطق الطبيعي. أن هذا يعني أن الثورة ليست مطالبة بأن تكون ديمقراطية بعض الوقت و وطنية بعضا أخر و أجتماعية وقتا ثالثا. مثل هذه النظرة هي نظرة مثالية لا أكثر. أن الصراع الطبقي هو جوهر كل هذا. و السؤال الجوهري للثورة هو كيف يمكن تحقيق تقدم حقيقي في نصيب الطبقات الشعبية من السلطة و الثروة هذا هو مربط الفرس و هذا هو الديمقراطية و الوطنية و الاجتماعية و حتي الثقافية و العسكرية وقد تم ضفرهم معا. حينما تصعد طبقات شعبية إلي موقع أكثر تقدما – ناهيك عن أن تكون في سده الحكم – تتطور كل هذه القضايا في أتجاه صالح هذه الطبقات.
و يمكننا تمييز حالتين هنا حالة هدوء الصراع الطبقي حينها قد يرتدي هذا الصراع وجها من أوجهه و يصبح هو الملمح البارز فيكون مثلا النضال الديمقراطي أو الوطني هو أبرز ملامح هذا الصراع. أما الحالة الثانية فهي حالة أشتداد الصراع الطبقي – مثلما نحن الآن في سياق الثورة – و فيها تصبح السلطة السياسية و الاقتصادية هي محل الصراع و تتكشف حقيقة هذا الصراع و علما تتصارع الطبقات.و في هذه الحالة يصبح كل نضال رهنا بالصراع من أجل السلطة سواء السلطة السياسية المركزية أو السلطة حيثما كانت. الثورة تتميز بأنها تضع جوهر و لب الصراع الطبقي عاريا مكشوفا أمام الجميع. الثورة تتميز بأنها تقدم الفرصة لحل كل القضايا من خلال حل القضية المركزية و هي السلطة السياسية.و هذا أيضا يلاحظ في الحركة العمالية ففي حالات الهدوء يكون النضال من أجل تحسين الأجور أو ساعات العمل أو الحقوق النقابية بينما العمال هم أول من يعرف أن كل مكسب يربحونه سيضيع مع أرتفاع الأسعار. أما في حالات أشتداد الصراع فيطلب العمال السيطرة علي مصانعهم و أدارتها و يتحولون للنضال السياسي المكشوف فالثورة تفضح أن سر شقاءهم ليس قانون سيء أو رأسمالي جشع و أنما نظام كامل ركب المجتمع بالطريق التي تديم أستعباد العمال.
مثال آخر علي تباين ترابط القضايا من تاريخنا. بدأت موجة الكفاح الجماهيري في مصر بالحركة الجماهيرية الواسعة النطاق المؤيدة لانتفاضة الشعب الفلسطيني الثانية عام 2000 ثم أتبعتها تلك الحركة المعادية للاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 كلتا الحركتين كانتا أعمالا جماهيرية رائعة و فيها كان النضال الوطني هو الوجه البارز للصراع الطبقي. و كلتا الحركتين الوطنيتين أفرختا كل الحراك السياسي الشعبي الذي شهدته مصر بعد ذلك. كانت تلك الحركتين مبادرات شعبية جماهيرية تلقائية من حيث الأساس و مثلت كيف ينفض المارد الشعبي عنه نوم سنوات طويلة. و كل ما جري في سياق تلك الحركات كان لصالح تقدم الصراع الطبقي علي الرغم من أن كلتا الحركتين لم تكن موجهه مباشرة ضد النظام فقط كانت تفضح تبعيته للإمبريالية و تحالفه مع النظام الصهيوني. و في السنوات التي تلت ذلك برز النضال الاقتصادي و النضال الديمقراطي كأبرز ملامح الصراع الطبقي. لكن متي اندلعت الثورة المصرية و أصبحت قضية السلطة في مصر محل تركيز الحركة الشعبية يصبح أعادة تركيز هذه الحركة علي قضايا جزئية تراجعا و يصبح دفعا للقوات في الاتجاه الخاطئ. لذا فأن أعادة التركيز علي القضايا الجزئية هو يمينية سياسية -رغم كل الزعيق و التشنجات- رغم أن التركيز علي تلك القضايا في سنوات سابقة كان هو الفعل الثوري المطلوب و الضروري. و هذا يتضح من طبيعة القوي السياسية التي شاركت هنا و هناك. فبينما كان الإخوان يقدمون رجلا و يؤخرون رجل في حركة مساندة الانتفاضة الثانية و حركة معاداة احتلال العراق. فأنهم علي العكس بعد الثورة ينسحبون من الموقع الرئيسي للثورة في التحرير و يدينون الثوار و لكنهم لا يمانعون من المشاركة المتحمسة في الاعتصام أمام السفارة الإسرائيلية. لأننا انتقلنا من وضع لوضع مختلف من حالة هدوء الصراع الطبقي حينما كانت كل حركة مطلوبة حتي لو ركزت علي قضايا أقل من جوهر الصراع الطبقي لوضع آخر أشتعل فيه الصراع و أصبح التركيز مطلوبا علي عقدة العقد و هي قضية السلطة في مصر.
و من هنا فأن هؤلاء الذين يفصلون بين ما هو ديمقراطي و ما هو وطني و ما هو اجتماعي بينما نحن في وضع ثوري أنما يخلطون الأوراق و يعبرون عن عدم فهمهم لديناميكية الصراع الطبقي في مصر. و الأسواء من ذلك هؤلاء الذين يقولون "أن الإمبريالية أو إسرائيل لن تنتظرنا" أنما يعبرون عن تشوش فكري لا سبيل لحله. فنحن الآن لدينا فرصة تاريخية في أن نصنع أختراقا في كل القضايا من التعليم و الأسعار حتي التبعية و العلاقة مع إسرائيل و كل هذا رهنا بنجاح الشعب المصري في أنتزاع سلطته لذا يصبح كل حرف أو تشويش لتركيز هذا الشعب علي قضية السلطة السياسية هو بمثابة هدية للإمبريالية و إسرائيل. و تصبح المظاهرات و أقتحام السفارة الإسرائيلية هدية للكيان الصهيوني رغم ما يبدو علي السطح لأن بدون هذه المظاهرات لن يعود الشعب لمنازله و لكنه سيواصل نضاله لانتزاع السلطة السياسية. و المفارقة أن اقتحام السفارة تم تماما في اليوم الذي كان مفروضا فيه أن يشهد موجة جديدة من التقدم الشعبي تجاه حل قضية السلطة. بل شهد مظاهرات بمئات الآلاف في هذا السبيل. أن من ينظر إلي ما يجري أمام السفارة بمعزل عما يجري في نفس اللحظة في التحرير و الإسكندرية و الأقصر الخ أنما هو قاصر النظر. أننا في مثل وضع الشاذلي في 73 علينا أن نركز جهودنا و قوانا في مواجهة أضعف نقاط الخصم. و علينا مثل الشاذلي أن نرفض تشتيت القوات تحت أي مسمي.
دورنا تجاه التلقائية
يقدم كثيرين فكرة مفادها أن الهجوم علي السفارة سواء الأول أو الثاني هو عمل تلقائي شعبي. و هذا الطرح يجافي الوقائع. فقبل الهجوم الأخير علي السفارة كانت هناك دعوة "بالشواكيش" تطلقها قوي سياسية و تخطط للهجوم علي السفارة فهو ليس عمل تلقائي.بل و سبق هذا الهجوم هجمات آخري و أعتصام نفذته قوي سياسية فهو لم يأتي كعمل معزول. و في خضم الثورة قبل خلع المخلوع كانت ملايين غفيرة في الشارع و لم يكن هناك أمن من أي نوع و لم تهاجم الجماهير أي سفارة رغم أنها كانت قادرة علي حرق كل السفارات. لكن لنفترض أن هذا العمل فعلا تلقائي و شعبي هل يعني هذا أن نؤيده ؟ هل يعني أن كل عمل تلقائي و شعبي يجب أن يحظي بتأييدنا أي كان؟ هذه قضية هامة لكل منشغل بالثورة في مصر. هل مثلا يجب تأييد الهجمات المتكررة علي المسيحيين و البهائيين لأنها تلقائية و شعبية؟ هل مثلا يجب تأييد كل حركة شعبية تهتف بإقامة دولة دينية أستبدادية؟ أن قضية الموقف من الحركات الشعبية التلقائية تطرح قضية جدلية مركبة لابد لكل ثوري أن يستوعبها و هي قضية يتباين وضعها حسب وضع الصراع الطبقي. بداية دور القوي الثورية المنظمة أن تطرح و تقترح شعارات علي الحركة الجماهيرية و أن تسعي لتوجه هذه الحركة في الوجهة التي تعتقد أنها الأكثر إفادة لهذه الجماهير نفسها. و لا تملك القوي الثورية أي سلطة علي الجماهير من أي نوع إلا تلك السلطة المعنوية التي تمنحها إياها الجماهير عبر النضال المشترك. القوي الثورية أذن لها مطلق الحرية في أن تري ما تراه بشأن الحركة الجماهيرية و هل هي في الاتجاه الصحيح – الذي يؤدي لتقدم الصراع الطبقي أم في الاتجاه الخاطي. و لذا فتأييد أي حركة لأنها شعبية أو عفوية أو تلقائية أنما هو شعبوية لا تخدم إلا أعداء هذه الجماهير في نهاية التحليل. و حينما يتفاقم الصراع الطبقي و تصبح قضية السلطة مطروحة علي بساط البحث و تشتعل الحركات الجماهيرية يصبح نقد الحركة الجماهيرية الصارم شرطا ضروريا لا غني عنه لتقدم الصراع الطبقي. و من المنطقي أن نقد الحركة الجماهيرية حينما يكون سلبيا يؤدي لقدر من أبتعاد الجماهير عن مصدر هذا النقد. يؤدي إلي أنفضاض الجماهير لذا فهو أمر لابد أن يعامل بكل الحرص. أما في حالة الثورة فأن الوضع ينقلب يصبح النقد الصارم ضرورة للارتباط بهذه الجماهير نفسها لأن هذه الجماهير مع كثير من المواجهات و التجارب تتعلم بسرعة من يقف حقيقة في صفها و من يصفق لها و يقودها إلي معارك خاسرة.
و هناك رأي آخر يقول أن النشطاء و الجمهور أحرار في تبني أي موقف و أن دورنا – كثوريين – هو تأييدهم طالما أن هذا الموقف تشكل بطريقة ديمقراطية. و هذا الطرح هو نوع من محاولة علاج قضية جدية بأسلوب لا أدري. و القضية الجدية هنا هي أن الثورة هي ثورة الشعب و أن الشعب و كل قطاع فيه هو المسئول الأول عن كل حركة و أن علي الثوري أن يقف ضد أستيعاب الحركة الجماهيرية أو تسخيرها لخدمة قوي بعينها مهما كانت هذه تقول عن نفسها أنها ثورية أنها قضية الحفاظ علي أستقلالية الحركة الشعبية ليس في مواجهة النظام و جهازه الإعلامي فحسب بل أيضا في مواجهة أي قوة سياسية تسعي لتأطير تلك الحركة ضمن حدودها. و ربما المثال علي هذا الأكثر وضوحا هو تحول النقابات بفضل البيروقراطية النقابية إلي عبئ أحيانا علي الحركة العمالية رغم أنها لم تنشأ إلا كنتاج لهذه الحركة. و رغم أننا حاليا في مصر لا نشهد خطر داهم بمثل هذا التهديد ببقرطقة الحركة الجماهيرية -بل علي العكس نعاني من ضعف تنظيمي ظاهر - و تأطيرها ضمن حدود أي قوة بعينها ألا أن القضية تحتاج لنقاش. أن الضمانة الأساسية في مواجهة البيروقراطية و التحكم هي أساسا في تواصل الحركة الجماهيرية و في أنخراط المزيد من القطاعات في هذه الحركة و في تعبيرهم بحرية عن تطلعاتهم وصولا لبناء سلطات شعبية محلية منتزعة و وصولا لأوسع أشكال الديمقراطية الشعبية. لذا فأن الحرص علي أستمرار الحركة هو قضية حياة أو موت بالنسبة لقضية أستقلال الحركة الشعبية ناهيك عن القضايا الأخري. لكن المطروح هو ليس توجيه الشعب للعودة لمنازلهم و عدم مهاجمة السفارة علي العكس تماما هو توجيه الشعب للحركة النشطة المتواصلة ضد السلطة السياسية و من أجلها. أن مثل هذا الرأي الحريص علي أستقلالية الحركة الشعبية ربما يكون وجيها لو كانت هناك دعوة للتهدئة أو دعوة للانصراف لكن في الحقيقة هي أن الدعوة لمواصلة تركيز القوي حيثما كانت منذ 25 يناير علي القضية المحورية في الصراع أي السلطة السياسية. هنا مرة آخري نجد النظرة الأحادية التي لا تربط ما يحدث أمام السفارة بما يحدث في باقي ربوع الوطن.
أن المثقف الثوري – أو المثقفة الثورية - هو أداة الحركة الشعبية لبلورة قضايا الشعب و تطلعاته. و في المجتمع الحديث بالغ التعقيد تحتاج كل طبقة لمتخصصين كي تعالج قضايا هذا المجتمع بالكيفية التي تلائم مصالحها. و الطبقات الغنية لديها علماء و إعلاميين و أكاديميين و جامعات تعمل ليل نهار لصالح صياغة المجتمع لمصالح هذه الطبقات الغنية. و في المقابل يقف المثقف الثوري كبديل لكل هؤلاء من جانب الطبقات الشعبية. لذا فالمثقف الثوري دوره أن يستخدم علمه السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و يوظفه لصالح تلك الطبقات بذلك يكون منتميا و من خلال السؤال الدائم عن ما هي مصلحة الطبقات التي أدافع عنها في هذه القضية أو تلك يمكنه أن يقدم جوابا. و أي مثقف منتمي لابد له من توجيه النصيحة المخلصة لطبقته مهما كان هذا يتعارض مع ميولها في لحظة ما.
هل التصدي لإسرائيل يعني الحرب؟
من القضايا التي أثيرت مع حادثة السفارة أن بعض من المدافعين عن الهجوم علي السفارة أشار لأنهم لا ينون الحرب مع إسرائيل. و هذه نوع من النكتة السوداء المركبة. فهم لا يملكون قرار الحرب لأنهم لا يملكون السلطة السياسية التي ندعو هنا للتركيز عليها. و هم يعلمون أن بدون الاستعداد للحرب لا يمكن أن يكون هناك "تصدي" لإسرائيل فالعالم لا يفهم لغة أخرى غير لغة القوة.و يكشف هذا أيضا عن علمهم بأن الشعب المصري لا يريد حربا و هو محق في ذلك فالحرب هي عدو الفقراء فهم وقودها.و لذا يبقي تحركهم في أطار الرموز و نستبدل المواجهة الحقيقية لقوة جبارة فعلية تقع علي حدودنا الشرقية بمهاجمة شقة علي النيل. أن أي قوة ثورية حقا لأبد أن تضع في حسابها أن التصدي لإسرائيل يعني الحرب أو علي الأقل الاستعداد الجدي لها و هذا له معني واحد هو الاستيلاء علي السلطة السياسية. بدون هذا نكون نتخلى عن دورنا بينما نزعق به. و لن يكفي أي ضغط علي النظام القائم كي يتصدى لإسرائيل. بدون سلطة ثورية شعبية حقا و ديمقراطية حقا لن يكون في مقدورنا التصدي و هذا تحديدا هو ما ندعو له و هذا تحديدا هو ما يقومون هم بعكسه
قضية فلسطين كأساس لشرعية الأنظمة الاستبدادية
جاء الاحتلال الصهيوني لفلسطين متزامنا مع حركة شعبية جماهيرية عمت المنطقة العربية من أقصاها لأقصاها. بل أن أحد دوافع هذا الاحتلال هو مواجهه هذه الحركة التحررية المعادية للاستعمار. ففي مصر و العراق و سوريا و لبنان و في المغرب العربي الخ كانت هناك حركة تحرر وطني شديدة النشاط و الفاعلية سابقة علي تأسيس الكيان الصهيوني. و هذه الحركة التحررية تمت بقيادة و توجه رأسمالي برجوازي خجول في معاداته للاستعمار و شرس ضد التطلع الطبيعي للشعوب لدفع قضية التحرر لتجاوز مجرد التخلص من الاحتلال لإعادة بناء النظم العربية علي أساس ديمقراطي و شعبي.و فلسطين تاريخيا ترتبط أرتباطا وثيقا بالوجدان العربي الإسلامي و المسيحي حيث هي مقر الأماكن المقدسة ناهيك عن أنها رمزا للعدوان الغربي منذ الحروب الصليبية. و عقب الحرب العالمية الثانية أشتد النضال ضد الاستعمار و ضد الحكام المواليين له. و اتخذت القوي الرجعية من قضية فلسطين وسيلة لصرف أنتباه الشعب عن تطلعه للحرية. وقد كان هذا مناسبا جدا لهم فعوضا عن النضال للتحرر يتم استبداله بالحديث عن العدو الخارجي. ففي مصر قام الملك الذي هو دمية بيد الاحتلال الإنجليزي الداعم الأول للكيان الصهيوني و في الأردن قام الملك عبد الله الذي لا يقل تبعية للندن بشن حربا ضد الكيان الصهيوني. و باسم هذه الحرب سحقت الحركة الشعبية الوطنية في مصر و أعتقل قادتها. و رغم أن الجيش المصري حارب ببسالة إلا أن توازن القوي كان ضده خاصة و أن رئيسه – الملك – لم يكن فعلا ينوي شن حربا إلا كزريعة للتخلص من الحركة الشعبية التي تهتف بسقوطه. أما الجيش الأردني بقيادة الإنجليزي غلوب باشا فلم يفعل أكثر من وضع خرائط تقسيم فلسطين بين الأردن و إسرائيل فقد كان هم الملك عبد الله الأول هو ضم القدس لمملكته لتدعيم مكانته كزعيم إسلامي. أصبحت قضية فلسطين منذ ذاك أساسا للشرعية الأنظمة الاستبدادية فحتي مبارك كان يدعي أنه يعمل من أجل قضية فلسطين ناهيك عن باقي الأنظمة. كل تلك الأنظمة الاستبدادية في العراق و سوريا و الأردن و مصر و باقي الدول العربية بنت شرعيتها علي أساس أنها أنظمة مواجهة و أن لهذه المواجهة مقتضياتها. و عملت تلك الأنظمة علي صياغة شعار أن "قضية فلسطين هي قضية العرب المركزية”. و ليس التحرر و ليست الديمقراطية . و أصبحت قضية فلسطين هي شماعة الاتجاهات الرجعية و الموغلة في الرجعية من الإخوان حتي بن لادن و الجهاد الخ. أن قضية العرب المركزية هي التحرر من الرجعية و الاستبداد و بناء ِأنظمة ديمقراطية شعبية. و هذا ينسحب علي فلسطين و الفلسطينيين أنفسهم فلا يمكن تحرير فلسطين دون شعب حر.و يمكنك أن تتعجب من مدي التعاطف الشعبي مع شعب مثل شعب درافور- الذي هو مسلمين مئة بالمئة – و الذي فقد علي أيدي نظام الطاغية البشير أضعاف ما فقده الفلسطينيين .و الأمر ينسحب علي معاناه الأكراد علي يد صدام – و هم أيضا مسلمين و سنة- لكي تدرك أن قضية فلسطين كما هي في الوجدان الشعبي العربي أنما هي نتاج للأجهزة الإعلامية الرسمية.حتي أن قضية فلسطين تحولت مع مقدم الرجعية الإسلامية و الوهابية لسيادة الساحة الإعلامية لقضية عنصرية ضد اليهود و بدأ يتلاشى العداء للاستعمار و التبعية تحت غلاله دينية. فتلك الاتجاهات الرجعية الإسلامية أيضا تريد غطاءا شعبيا فلا تجد أنسب من قضية فلسطين فتطوعها للإطار الفكري المتخلف لها. وقد أثبتت الثورة المصرية أن قضية التحرر العربي هي قضية فلسطين المركزية عكس ما يقال من قبل الأنظمة الرجعية و الذين يرددون مقولاتها أما لمصالح طبقية أو لضحالة سياسية و فكرية. و أن من أجل مواجهة العدو الخارجي الصهيوني لا مندوحة من مواجهة العدو الداخلي الطبقي أولا.
هل يمكن التعايش مع الصهيونية؟
لا أنوي هنا مناقشة مجمل قضية فلسطين بأبعادها المختلفة. فقط أود أن أؤكد علي حقيقتين أولهما أن أي نظام ثوري شعبي في مصر لا يمكنه أن يتعايش مع النظام الصهيوني في فلسطين. فمن دون شك ستقع مواجهات بينهما. فهذا هو أحد أهداف بناء إسرائيل. و هذه المواجهة تقتضي أول ما تقتضي نظاما راسخا شعبيا حرا في مصر و كذلك نظاما علمانيا مدنيا تقدميا بدون ذلك سنعيد التجربة الناصرية في أحسن الأحوال – غالبا أقل لأن الاتحاد السوفيتي الذي دعم عبد الناصر لم يعد موجودا. لذا فأي حديث عن "التصدي" لإسرائيل لا يبدأ ببناء مثل ذلك النظام الثوري هو عبث في أحسن الأحوال و خدمة للعدو الصهيوني في أسواءها.ثانيا أن كل الأنظمة الاستبدادية تعايشت مع النظام الصهيوني بشكل ما حتي نظام عبد الناصر لم يحارب إسرائيل حقيقة إلا حينما احتلت سيناء فقد حارب فعلا لاستعاده التراب الوطني لا أكثر و عدا ذلك تعايشت سوريا عائلة الأسد مع الصهيونية و حتي مع أحتلال جزء من أراضيها و حتي قطر التي تزعق ليل نهار عن الصهيونية فتحت لهم مكتبا فيها! هذه الحقائق يجب أن نتذكرها و نحن نعيد بناء مصر فلا سبيل لمواجهة الصهيونية من خلال الاستبداد.
تجارب ثورية
هنا مثالين عن تجارب ثورية أحدهما نجحت فيه القوي الرجعية في سحب البساط من تحت أقدام القوي الثورية و الشعبية باسم العداء للاستعمار و قضت علي الثورة و الأخر حدث فيه العكس و نجحت القوي الثورية في المناورة و بناء نظاما ثوريا
التجربة الإيرانية
لم تكن الثورة الإيرانية في سنواتها الأولي تعرف باسم الإسلامية. لقد كانت ثورة كل الشعب الإيراني بمختلف تلاوينه السياسية و لعب فيها اليسار عموما و اليسار الإسلامي خصوصا دورا حاسما و لعبت فيها الطبقة العاملة الإيرانية دور راس الحربة في مواجهة النظام الشاهنشاهي. و عقب نجاح الثورة في طرد الشاة و هزيمة جيشه بتضحيات تفوق التصور من الشهداء و الخراب. أصبحت إيران مجتمعا ديمقراطيا فعلا متنوعا و غني بالحياة السياسية و تصاعدت حركات الاحتجاج الطبقية و الطائفية و الأثنية في هذا المجتمع شديد التنوع قوميا و دينيا و عرقيا. و أصبح مطروحا بقوة بناء نظام أجتماعي علماني تقدمي ديمقراطي يسمح بالتنوع و يسمح بالاختلاف و الاحتجاج. و لكن هذا بالطبع سيكون في مواجهة و علي حساب الطبقات الغنية المسيطرة و طبقة البازار أو التجار خصوصا. و هي الطبقة الأكثر رجعية في المجتمع.و علاقة أيران بالولايات المتحدة علاقة معقدة. فلم تكن الإمبريالية الأمريكية هي حامي الشاه فحسب بل كانت هي من خطط و ساهم في تنفيذ أنقلاب ضد الزعيم الوطني المنتخب د.مصدق بسبب محاولته فرض السيطرة الإيرانية علي البترول الإيراني. و كانت أمريكا هي من وضع الشاة علي عرشه عام 1953. و في أعقاب طرد الشاة تم وضع دستور أعترض علية الخوميني و طالب بدستور أكثر أستبدادية يعطيه صلاحيات مطلقة. و بينما النقاش محتدم حول الدستور قامت جماعة من الطلاب الموالين لخوميني باقتحام السفارة الأمريكية و أعتقال 52 موظفا و احتجازهم. تم ذلك يوم 4 نوفمبر 1979 بينما الاستفتاء علي الدستور في ديسمبر. و للأسف وقعت القوي اليسارية و الليبرالية في الفخ و أيدت مثل هذا العمل الذي ليس له إلا معني رمزي. و ساندت الخوميني و تم تمرير الدستور الاستبدادي. و بعدها فاوض الخوميني فريق ريجان الانتخابي كي يؤجل الإفراج عن الرهائن حتي تتم الانتخابات الأمريكية مقابل أسلحة من إسرائيل مولتها السعودية بما عرف بفضيحة إيران-كونترا. لقد سمح الثوار الإيرانيين لأنفسهم أن تنحرف عيونهم عن الهدف و بدوا طريقا أنتهي بإضاعة فرصة ثمينة لتحرر الشعب الإيراني.
التجربة الروسية
علي عكس التجربة الإيرانية فما أن نجحت الثورة الروسية الثانية حتي قام لينين بتوقيع معاهدة بريست – ليتوفسك في مارس 1818 و هي المعاهدة التي تنازلت فيها روسيا لألمانيا عن مساحات شاسعة من أراضيها و سلمتها معداتها العسكرية غير تعويض مادي ضخم. و قال لينين عن هذا "أن أي أبطاء في توقيع هذه المعاهدة المهينة المذلة هو خيانة للثورة" فكيف سمح رجل مثل لينين أجمع الناس علي أنه داهية سياسي بمثل هذا الفعل و القول؟ لقد كانت السلطة الثورية التي ظهرت منذ شهور – أكتوبر 1917 – تواجه مخاطر محدقة من كل طرف فهناك الرجعية المحلية التي شكلت جيوشا لمحاربة الثورة و هناك التدخل العسكري الأجنبي ثم هناك بؤسا أقتصاديا مروعا – بسبب الحرب العالمية الأولي – بلغ حد المجاعة ناهيك عن أشتباك روسيا في حرب مع ألمانيا ضمن الحرب العالمية الأولي. فكان يجب علي الثورة أن تناور و أن تؤمن أحد الجبهات كي يمكن الحفاظ علي السلطة الثورية بل كي يمكن الحفاظ علي روسيا نفسها من التفكك. فأقدم لينين علي هذه الخطوة غير المتصورة و هي توقيع معاهدة مع العدو الذي قتل ملايين من الروس و تسبب في خرابها. لقد كانت هذه هي الطريقة الوحيدة للحفاظ علي ما هو جوهري للثورة في هذه اللحظة و هو السلطة الثورية الوليدة. لقد كان كل تأخير فعلا في تحييد أحد الأعداء يعني القضاء علي الثورة و خيانة تضحيات العمال و الفلاحين و الجنود. بل أن كل "تصدي" للاستعمار الألماني كان يلزمه هذه الخطوة تحديدا و كل مواصلة للحرب تعني تقديم روسيا علي طبق من فضة لأعدائها الخارجيين و الداخليين علي حد سواء.
أن طريق الثورة واضح و جلي و هو باختصار تولي سلطة ثورية في مصر و أقامة نظام ديمقراطي شعبي كل حيود عن الهدف أي كانت المبررات هو خيانة للثورة.

3 comments:

  1. Ahmad Sadek ١ نريد الغاء العلاقات الدبلوماسية مع الدولة الصهيونية: لاسفارة ولا قنصلية ولا مكتب ارتباط ولا سفارة دولة اخرى تقوم برعاية مصالح الصهاينة، أي العودة الى الوضع السابق على تبادل التمثيل الدبلوماسي، وطبعا الغاء تمثيل مصر الدبلوماسي في الدولة الصهيونية. هذا القرار حق قانوني دولي مطلق لمصر لاجدال فيه. ٢ الطلب دوليا بتسليم المجرمين من جيش الصهاينة الذين اقتحموا الحدود الدولية المصرية وقتلوا ستة من الجنود المصريين، تسليمهم الى مصر لمحاكمتهم على جريمة ارتكبت على الاراضي المصرية ضد مواطنين وممتلكات مصرية ٣ النظر في معاهدة بيجن السادات كارتر ليس أمرا ملحا، وفي جميع الأحوال لايمكن أن يتولى النظر في المعاهدة سوى حكومة مصرية وطنية شرعية منتخبة ومسئولة أمام برلمان وطني منتخب

    ReplyDelete
  2. هذا المقال يناقش كيف يمكن تحقيق ذلك فلا يكفي أن يكون هناك شيئا من حقك يجب أن يكون ضمن قدارتك و هذا يعني أنه لابد من قيام نظام ثوري في مصر وطبعا لاسباب أخري كثيرة. بدون هذا لا يمكن الوصول للحقوق

    ReplyDelete
  3. انا عن نفسى فرحان جدا فى الهجوم على السفارة بس ليس هذا من اخلاق الدين

    ReplyDelete