Tuesday, January 12, 2010

من أقرب لليسار الليبراليين أم اليمين الديني

من أقرب لليسار الليبراليين أم اليمين الديني
هناك فوتان أساسيتان تتصدران الساحة السياسية المصرية. الأولي – بدون ترتيب – هي الليبراليين و قد قال عنهم مرة الراحل د.محمد السعيد أنهم أكبر قوة سياسية في مصر. و هم مع الجمهورية البرلمانية و حق المواطنة و الحريات العامة. و لكنهم مع أقتصاد السوق و الاندماج في السوق الرأسمالي العالمي و ضد مفاهيم أساسية لليسار الخ. القوة الثانية هي اليمين الديني مثل تنظيم الإخوان المسلمين و التنظيمات المشابهة و هم – علي الأقل في المظهر – ضد الإمبريالية و ضد الصهيونية و من الممكن أن يتقبلوا بعض الإصلاحات الاقتصادية في أقتصاد السوق و لكنهم أيضا مع هذا الاقتصاد و مع ألرأسمالية بشكل عام. غير أنهم يسعون لدولة أستبدادية دينية ضد المواطنة و الحريات العامة الخ.
و اليسار القائم حاليا غالبا منقسم بين هاتين القوتين. هناك يسار ذو طبيعة قومية أسلامية يميل إلى التحالف مع اليمين الديني. و يسار أخر أكثر حداثة يميل لمهاجمة اليمين الديني و قد يشارك الليبراليين بعض النشاطات في مجال الحريات العامة
و يبدو الأمر محير جدا فلا يمكن الدفاع الجاد عن هذه القوة أو تلك لان كل منهما تعادي ركنا أساسيا من أركان البناء الفكري لليسار. لكن فحص الأمر أكثر قد يكون مفيدا
بداية اليسار – الماركسي – حقيقة لا يعرف لا معاداة الإمبريالية و لا النضال القومي و لا الحريات العامة الخ. كل تلك القضايا هي بالنسبة لليسار قضايا فرعية لقضية أساسية هي التقدم الاجتماعي أي زيادة وزن و دور و نصيب الطبقات الشعبية من السلطة و الثروة و حرية الحركة و التنظيم. و صولا ألى سيطرة تلك الطبقات – أي الأغلبية الكاسحة من الشعب – علي مقدرات الوطن. اليسار يعرف الصراع الطبقي. و هناك أمثلة لا حصر لها عن سلوك اليسار للانهزامية القومية – لصالح الدفاع عن الطبقات الشعبية – و طبعا للاستبداد السياسي.
أذا مشكلة اليسار أنه ينطلق من منطلق خاطئ حينما يقول أه اليمين الديني ضد الإمبريالية – و هو ليس كذلك حقيقة – لذا فهو معنا أنظر مثلا تحليل كريس هارمان للإخوان المسلمين. و هو – اليسار – أيضا يقوم بتحليل خاطئ حينما يتصور أن الليبرالية السياسية هي مرحلة ضرورية للتحول الاجتماعي.
بداية يجب أن يركز اليسار على التقدم الاجتماعي. فكل تحليل لقضايا الصهيونية و الإمبريالية و لقضايا الحريات العامة يصب في النهاية إلي أنه بدون تقدم اجتماعي لا يمكن التقدم في تلك القضايا. بمعنى بدون مشاركة من الجماهير الواسعة في قضايا الحريات العامة لن يحدث تقدم جوهري فيها. و بدون سلطة أقرب للشعب لن يكون هناك معاداة للإمبريالية أو الصهيونية الخ. أذا قضية التقدم الاجتماعي هي القضية الجوهرية لليسار و هو في هذا وحدة لا يسانده لا ليبراليين و لا يمين ديني لان كلاهما "يمين"
دور اليسار هو أن يتقدم كطرف ثالث له وزن في المعادلة السياسية المصرية بعيدا عن هذه القوة أو تلك. و أن يحافظ علي درجة عالية من التمايز عنهما حتي يمكنه بناء نفسه و ترسيخ قواعده. و حينما ينجح في ذلك يمكنه ساعتها اللعب مع الكبار. أما الآن فليس لدينا حقا خيار سوي الاستقلال الكامل و سوي التركيز علي التقدم الاجتماعي بمعناة الواسع و ليس بمعناه الاقتصادي الضيق. و دورنا هو دفع الناس كي تباشر حيثما ممكن الاحتجاج و حتي ممارسة السلطة .

No comments:

Post a Comment