الحركة من فوق و الحركة من تحت
لننظر إلي ثورتنا الآن و كيف تدور. و ليكن موقعنا عالي جدا في سماء مصر حتي نري الصورة الإجمالية لهذه الثورة.أستطاع شعبنا أن يعيد الثورة إلي واجه الأحداث و أن يبعث فيها روحا جديدة بنزول ملايينه للشارع علي أمتداد مصر و عرضها يوم 8 يوليو. و كان قد فعل نفس الشيء قبلها في 27 مايو.
خطت الثورة خطوة الاعتصام المفتوح في ميدان التحرير ثانية. أصبح لدينا مركز للثورة في التحرير و فروع لهذا المركز في السويس و ألإسكندرية و مدن كثيرة آخري. فما الذي يقوم به هذا المركز و ما الذي يقوم به الشعب؟ المركز يتبع الخطة التقليدية و هي الاعتصام من أجل الضغط علي النظام حتي يتفضل بتحقيق المطالب التي يعرفها جيدا. و يقوم المركز في التحرير بعشرات الوسائل بتبليغ المجلس العسكري بهذه المطالب يوميا. الشعب يثق في مركزه و في ميدان تحريره و يوالي حسب الحاجة أمداده بالمعتصمين. و المركز في التحرير أيضا يتجادل – و هو أمر مشروع و ضروري- حول أنسب السبل لإنجاح الثورة.و الجدل يدور في أتجاهين التصعيد الحركي مثل الانتقال لعصيان مدني و أضراب عام و حتي أضراب عن الطعام.و الاتجاه الأخر هو تصعيد نوعي مثل محاولة صياغة دستور و بناء مفاهيم مشتركة عن الثورة و أهدافها و مآلها. الشعب من ناحية أخري ينظر للمركز و ينتظر أن يحقق له ما هو مقتنع به فعلا و يطالب به.هناك خط يمتد من التحرير للمجلس العسكري و هو المطالبات و هناك خط يمتد من الشعب للتحرير و هو الدعمهناك خط مقطوع في الثورة و هو الخط الواصل بين التحرير و الشعب. و ليسي من الشعب للتحرير. التحرير مركز الثورة لا يتوجه للشعب. حينما نقول أن "الفقراء أولا" فلا نعني مطلقا أن الفقراء غلابة أو مساكين و لا ننظر لهم بشكل أنتهازي باعتبارهم موردي دم للثورة. الفقراء أولا يجب أن تعني أو هؤلاء الفقراء يصنعون بأيديهم و بإرادتهم الواعية الثورة.لذلك فالمطلوب هو أن يتوجه التحرير للشعب. أن يقول التحرير للشعب أو يقترح عليه الخطوات التي يجب أن يقوم بها. كفاكم مخاطبة المجلس العسكري و خاطبوا شعبكم الذي صنعكم و قدمكم واجهه له. يجب أن يقوم التحرير و فروعه باقتراح أجراءات معينة علي الشعب و ليس فقط مطالبته بدعم الاعتصام. علي العمال أن يضربوا لو أمكنهم عليهم أن يطردوا الإدارات التابعة للنظام القديم أو يقفوا وقفه أحتجاجية. علي سائقي الميكروبس أن يعلقوا شعارات الثورة علي الفلاحين أن يفعلوا كذا. و الصيادين و أبناء ملوي و كل قطاع و فئة و طبقة علي التحرير أن يتوجه لهم و يطالبهم عوضا عن مطالبه المجلس.
أن قضية الثورة هي قضية السلطة و كل شيء أخر هو تفاصيل ضمن هذه القضية. و السلطة ليست صندوق أسود موجود في قصر رئاسي و أنما هي علاقة يومية في كل مكان في مصر بين من يملكون السلطة و من هم خاضعين لها. و هؤلاء الخاضعين قادرين علي تغيير هذه المعادلة و علي وضع معادلات جديد. و ببناء مثل هذا الخط الواصل من التحرير للشعب تصبح الثورة عملا متكاملا.
أن الثورة تعتمد حتي الآن تقريبا علي الحركة من فوق . الحركة من التحرير المطلوب أن نقدم لها الحركة من تحت أيضا. الحركة من الشارع. و طبعا الشعب يقوم بعشرات و مئات المبادرات يوميا و تحدث حركات شعبية بلا عدد بصرف النظر عن التحرير و عن الاعتصام. و لا ينتظر الشعب أوامر من أحد أي كان. لكن ينتظر أن تدمج تلك الحركات اليومية في تيار واحد
الثورة لن تحقق أهدافها بين يوم و ليلة الثورة عمل طويل و معقد و مركب و يحتاج للعلم و الفن. و بدون أن يتصرف التحرير باعتباره مركزا و نقطة تجميع لإرادات الملايين خارج التحرير و بدون أن يتصرف التحرير باعتباره جنرال في معركة خوضها جنود ينتشرون علي أمتداد شوارع الوطن يصبح من غير الممكن مواصله الثورة. بل يجب أن يتطور الأمر من مجرد أن يقوم التحرير باقتراح خطوات علي الشعب لأن يطالب التحرير من الشعب مندوبين و تقارير عن تقدم الثورة أو المعركة في كل مكان. الثورة ثورة الشعب و لن تنجح بدون ضفر كل نضال شعبي في خطة واحدة و أن يكون هذا الضفر يتحلى بالحكمة و بالبراعة.
No comments:
Post a Comment