مقال ضد التيار عن غزة
التيار الغالب وسط اليسار فيما يتعلق بغزة. أن غزة أنتصرت في حرب إسرائيل عليها من عام مضي. , أن مواصلة المقاومة ضرورة بالتالي حتمية لتحقيق مزيد من الانتصار. و في تقديري أن هذا نوع من الانفصال التام عن الواقع يستدعي عناية طبية. فإسرائيل بعدوانها الهمجي علي غزة و تدميرها لها لم تستثني شيئا.و من بنوا تقديرهم بالنصر علي أساس أن حماس لم تزول من غزة – بعد أن حسبوا أن هذا كان الهدف الإسرائيلي- عليهم أن يفسروا لنا كيف صمتت غزة منذ الغزو. الأهم أن رؤية العمل المسلح – المقاومة – ما زال هو أساس نظرة هذا الفريق الواسع من اليسار.دون أي أعتبار لوضع الفلسطينيين و إسرائيل. لقد كانت إسرائيل توصف بأنها مجتمع عنصري استيطاني أحلالي و أحلالي هنا لها أهمية قصوي. فالوجود الفلسطيني معزول عنصريا عن الوجود الإسرائيلي فليس أمامنا حالة أحتلال مثل أحتلال بريطانيا لمصر. بل و لا كحالة فرنسا و الجزائر – رغم أن المستوطنين الفرنسيين كانوا منعزلين عن الجمع الجزائري. و هذه ليست صدفة و لكنه أمرا مقصودا كي يمكن مواجهه المقاومة التي يمكن أن تدور علي أطراف إسرائيل. و بالفعل ضربت إسرائيل في الأردن محطة أول عمل مسلح فلسطيني – بالتعاون مع الأردن – ثم بعد أطلاق يدها باتفاقية كامب ديفيد في لبنان. ثم مرة أخري في الضفة – معركة جنين – و أستكملت الدائرة في غزة منذ عام. و لا يمكن لقوي محدودة جدا عددا و تسليحا و معزولة أن تنتصر علي جيش حديث. و لو كانت رومانسية حرب العصابات مفيدة لكانت كل جيوش العالم تمارسها. يذيد الطين بله أن العالم تبدل منذ 65 حينما أنطلقت المقاومة المسلحة و ألأن. و لا داعي لتكرار شواهد ذلك. أن معيار التضامن مع الفلسطينيين ينبني علي حسن نصيحتهم و ليس علي حملات عاطفية شعواء لا تجدي في أي نقاش عقلاني حول ما العمل الفلسطيني من هنا.أن الحرب علي غزة أسقطت مرحلة كاملة من تاريخ النضال الفلسطيني و يجب أن تنهض مرحلة تالية مستفيدة من تجارب المرحلة الأولي. أتسمت المرحلة الأولي بسيادة العمل العسكري من جانب محترفين عسكريين يعملون باسم الثورة. و حينما طردت منظمة التحرير من لبنان و بدا أن الشعب الفلسطيني قد فقد كل سلاح. قدمت ألانتفاضة الأولى طوق النجاة أنتفاضة شعبية شاملة و ليست عمل عسكري لمحترفين. و هي حتى اللحظة أبرز أنجارات الشعب الفلسطيني. ثم تلاها أتفاق أوسلو من ناحية و العمليات الانتحارية من جهه ثانية. أتفاق أوسلو كرس سلطة فوق الشعب و العمليات الانتحارية حركة عسكرية فوق الحركة الشعبية. و فشلت السلطة تماما مع رفض عرفات الاتفاق الهزيل الذي عرض علية شفهيا في واشنطن. و فشلت العمليات الانتحارية مع الجدار العنصري.و مع أنقلاب غزة قامت سلطة جديدة باسم المقاومة و لكنها لا تختلف عن السلطة الأخري. فكلاهما سلطة لا شعبية فاقدة للاتجاه. كلاهما يسير في طريق مسدود. سلطة رام الله طريقها مسدود بحكم فقدانها لأي أوراق ضغط في المفاوضات و سلطة غزة لأافتقادها لأي أدوات ضغط علي جيش الدفاع. يضاف إلى ذلك أن كل سلطة تخصم من نصيب أوراق الأخري التفاوضية أو العسكرية. لقد دارت الدائرة دورة كاملة من الأردن للبنان لجنين لغزة و حققت إسرائيل ما لم تسطع المقاومة تحقيقه دولة واحدة في فلسطين. يبقى أن نجعلها ديمقراطية و علمانية حسب الشعار التاريخي للمقاومة الفلسطينية. يبقي أن كل تحليل من أقصي اليمين ألى أقصي اليسار يفترض وضعا مختلفا كيفيا في الدول المحيطة بإسرائيل كي يمكن للعمل الفلسطيني – أي كان- أن يكون ناجحا. و هذا الافتراض يتركز على مصر في المحل الأول – حيث أن سوريا لم تفعل شيئا منذ 1973. هذا معناه أن النضال الفلسطيني أصبح رهينه للنضال المصري,و حتي لو تحقق أختراق في مصر فأصحاب هذا الاختراق سيكون لهم حساباتهم الخاصة. فليس بالضرورة كل نظام ثوري قادر علي المغامرة الخارجية حتي لو أرادها. و هذا يعني رهن النضال الفلسطيني لفترة طويلة في المستقبل.و بعد هذا فليس هناك ضمانه أن مصر ستستطيع تحقيق شيئا. لاعتبارات كثيرة. بدلا من التغني العاطفي بنصر لم يحدث علينا بحث المستقبل مستفدين من تجارب الماضي. هذه هي أول كلمة ضد التيار السائد.
No comments:
Post a Comment