ملاحظات على الوضع الإيراني
محاولة لبناء فهم يساري لما يجرى
أخر تحديث 6/21/2009
ما هي الحقائق و أشباه الحقائق التي نعرفها حتى الآن
1 لا يمكن الجزم بمن فعلا كسب الانتخابات لماذا
موسوي أدعى أنه تلقى الساعة 2 صباحا حديث من الداخلية يهنئه بالفوز بل و يتناقش معه في فحوى خطاب الفوز و على هذا الأساس اعلن فوزه بنفسة و لم تنفى الداخلية رواية موسوى هذه
موسوي هزم حسب التقديرات النهائية في مسقط راسه (تبريز) و بفارق كبير و هو أمر غريب بالنظر إلي حجم التأييد له هناك
الانتخابات تتم على أساس الورق و عدد الحضور 39 مليون منتخب و رغم ذلك أعلنت النتيجة بسرعه هائلة (بعد ساعات فقط من قفل باب الاقتراع) و قمم النظام سارعت بتهنئة الناجحين خامنئي هناء نجاد و رفسنجاني هناء موسوي قبل الإعلان الرسمي للنتيجة و اعتمادها
كروبي الذي حصل على اقل نسبة حصل على 17٪ من الأصوات فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 2005
الفارق بين الأول و الثاني ضخم جدا 30٪ من الأصوات و هو أمر لم يكن متوقعا أطلاقا بل كل التقديرات كانت تشير قبل الانتخابات الي تقارب موسوى و أحمد نجاد
و اليوم الأحد 6/21 اعن ممثل عن هيئة تشخيص مصلحه النظام (التي يرأسها رفسنجاني أحد أعمدة الأصلاح) أن هناك 50 مدينه صوت فيها أكثر من عدد المسموح لهم بالتصويت و هذا يشمل 3 مليون ناخب و أن المال استخدم في الانتخابات!
2 كل المتسابقين أعضاء فاعلين في النظام القائم أحمد نجاد – الرئيس الحالي . موسوي رئيس الوزراء -يوازى رئيس الجمهورية حاليا - من 81 إلي 89 و مستشار خاتمي الخ. كروبي رجل دين و ورئيس برلمان و رضا القائد السابق للحرس الثوري و لكل منهم مؤيدين من ابرز قادة النظام القائم
3 الرئيس في النظام الإيراني ليس له الصلاحيات التقليدية لجمهورية رئاسية بل أقرب إلي رئيس الوزراء أما المرشد العام (ضمن نظام معقد لولاية الفقيه ) فهو الذي يتمتع بصلاحيات مطلقه (جوهر ديكتاتورية نظام الملالي) - خامنئي - و بالذات في أمور الدفاع و الداخلية و الملف النووي
4 ليس في برامج أي من المرشحين ما يخرج على النظام القائم خاصة في الشأن النووي و العلاقات الخارجية
5 حسب معظم المراقبين أن نجاد يتمتع بتأييد بين الفقراء و في الريف بينما موسوي قاعدته في المدن و الطبقة المتوسطة
6 أيضا حسب معظم المراقبين فأن موسوي أكثر ميلا إلي انفتاح علي الغرب و نظام اقتصادي اكثر ليبرالية و حريات عامه أوسع بينما نجاد يميل إلي الطبقة الصناعية التي تسيطر على الصناعة الإيرانية مع برامج اجتماعية أوسع
7 الناتج القومى ألإيراني (PPP) يبلغ حوالي 800 بليون دولار و متوسط دخل الفرد 11000 دولار سنويا أى ضعف تقريبا الأرقام المصرية و ترتيب أيران في مؤشر التطور البشرى للامم المتحدة 84 (مصر 116) و يتميز نظام ولاية الفقية الإيراني بوجود مؤسسة الشهيد و هي مؤسسة عملاقة تضم 40٪ من الصناعة الإيرانية و تخضع للمرشد العام بعيدا عن الأشراف الحكومي مثل باقي القطاع العام.
8 رغم ذلك فأن هناك أزمه اقتصادية طاحنه اتساع قاعدة الفقراء 18٪ و التضخم 27٪ و البطاله 11٪ (أرقام 2008) يضاف إلى ذلك الفساد
9 حدثت مظاهرات شعبيه عارمه من مئات الألف (بعض المصادر تضع أكبر مظاهرة في طهران 3 مليون ) لمدة سته أيام متصله احتجاجا على تزوير الانتخابات و قوبلت بالعنف الذي ادي لمقتل على الأقل 7 و هناك روايات بأكثر (3 طلاب قتلوا في الجامعة) و أغلقت الجامعات كمراكز للحركه المطالبة بإعادة الانتخابات. و حتى بعد توعد مرشد الثورة - و هو أهم شخصية في النظام - المحتجين في خطبة الجمعة خرجت مظاهرات يوم السبت قتل فيها 10 اشخاص و تم أعتقال اكثر من 450 شخص حسب المصادر الرسمية الإيرانية.
11 تميزت حركة المعارضة بالنشاط الشبابي الذي شكل جوهر الحركة و الأساليب الجديدة (استخدام الأنترنت و المحمول الخ) بما يذكر بحركة 6 أبريل في مصر.
12 من ناحيتها سيرت الحكومة الإيرانية مظاهرات عارمة داعمه لنجاد و لكنها ليست بالاتساع و لا التواصل الذي ظهر في مظاهرات المعارضة
13 هناك حركتين أجتماعيتين هم الحركة الطلابية – قامت بدور واسع فى 1999 – و الحركة النسائية و كلتاهما وراء موسوي
14 و حتي المؤسسة الدينية ظهر منها من أيد موسوي بعد إعلان نتيجة الانتخابات مثل جمعية الفقهاء المناضلين!
15 من المفهوم أن الصراع بين أيران و القوى الرأسمالية الكبرى (الولايات المتحدة فرنسا ألمانيا انجلترا) يجعل تلك القوى تميل إلى مساندة الحركة الشعبية المناهضة لتزوير الانتخابات و إلي إي شيء من شأنه إضعاف النظام.
من كل تلك الحقائق هناك شبه أجماع على أن هناك انقسام وسط الطبقة الحاكمة الإيرانية – أي استبعاد التفسير التآمري بأن ما يحدث هو مجرد تدخل أجنبي في شئون أيران
و ربما من المفيد التذكير بلمحات عن بعض التجارب ألمشابهة في العالم
التجربة الفنزويلية
تعرض الرئيس هوجو تشافز لحملة قوية من المظاهرات و الاحتجاجات من قبل قوى المعارضة المدعومة بقوة من جانب الولايات المتحدة ثم لانقلاب عسكري فاشل أيضا . و القاعدة الاجتماعية لتك الحركة كانت أصحاب الأعمال و الأحزاب السياسية التى ترفض سياسات هوجو تشافز إلتي تسمى "اشتراكية" و تلك القاعدة الاجتماعية كانت تمتلك وسائل الأعلام الرئيسية فى فنزويلا
تجربة بولندا
قامت الطبقة العاملة البولندية بانتفاضة عارمه ضد الحكم "الشيوعي" منطلقة من جدانسك و مدعومة من الغرب و الكنيسة. و نجحت هذه الانتفاضة في ألإطاحة بالحكم العسكري و أستعادة الرأسمالية التقليدية إلي بولندا
التجربة المصرية
عرفت مصر انقسام الطبقة الحاكمة إلي جناحين في أعقاب حرب 67 جناح أميل لمقاومة الاستعمار و الجناح الأخر أميل للتسوية. و قد أنتصر جناح التسوية على الجناح الآخر في انقلاب مايو 1971 أو ثورة التصحيح و لم تحدث أى مشاركة شعبية في صراع الأجنحة هذا.
و من هذا الاستعراض يتضح طبيعة التناقضات التي يواجهها اليسار في أخذ موقف من الأحداث الإيرانية
فمن ناحية هناك حركة شعبية لا شك فيها طامحه للتغيير في أيران و هذه الحركة الشعبية تجد في موسوي عنوانا لها و ليس مقصدا. بمعنى أن مؤيدي موسوي هم من يريدون التغيير و يرفضون الوضع القائم. و يتراوح رفض الوضع القائم من رفض الديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران برمتها إلى المطالبة بتعديلات تسمح بحرية أوسع. و كل محاولة للنظر إلي تلك المعارضة باعتبارها تدخل أجنبي أو حركة مدفوعه من الغرب الخ هي مجرد تفسير تأمري تافه تدحضه الوقائع.
و من ناحية آخري فأن تلك الحركة الشعبية تقف في وجه نظام معادي للغرب – أو على الأقل هذا ما يبدو – و من المؤكد أنه نظام يسعى للاستقلال الإيراني عن النفوذ و التبعية. رغم أن تصوير إيران باعتبارها قائد المقاومة هو أيضا تجنى على الوقائع و أغفال للبعد القومي الإيراني الذي هو الحافز الرئيسي في حركة النظام الإيراني تجاه الغرب.
و من ذلك يتضح أن دعم حركة المعارضة الشعبية ربما يصب في مصلحة الهيمنة الأجنبية. بينما دعم النظام سيعنى الوقوف في وجه الحركة الشعبية المعارضة.
أذا ما هو المعيار الذي يمكن من خلالة تحديد موقف في مثل هذا الوضع المعقد؟
بدأيه واجب اليسار أن يحدد موقفة من أى نظام على أساس موقف هذا النظام من شعبة. على أساس وضع هذا النظام ضمن التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الخاصة به. بمعنى أن الموقف من أي نظام لا يتحدد ألا بدور هذا النظام في تطور الصراع الطبقي في بلدة.و ليس موقفة من الإمبريالية. و إلا كان دور اليسار مثلا تأييد النازية. و هي أقوى معارض للإمبريالية القائمة ظهر في التاريخ.أو تأييد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان باعتباره معادي للإمبريالية. الخ. بدون فهم دور النظام المحدد في تاريخ مجتمعه لا يمكن الوصول لحكم صحيح على هذا النظام. و تأييد هذا النظام أو ذاك بسبب معارضته للإمبريالية مع التغاضي عن طبيعة هذا النظام نفسة هو فى هذه الحالة نوع من الانتهازية التي "تستخدم" أو تريد أن تستخدم هذا النظام لفوائدها الخاصة . بمعنى أن من يقفون ضد حركة الشعب الإيراني لان النظام الإيراني معادي للإمبريالية يكونون كمثل من يقول للشعب الإيراني فلتضحي بحريتك من أجلنا .و لا تقدم النصيحة المخلصة للشعب الذي يحكمه هذا النظام.
و النظام الإيراني يتميز بطبيعة مزدوجة – بسبب نشأته – فهو من ناحية يحمل طبيعة رأسمالية الدولة الوطنية الساعية للاستقلال و من ناحية أخرى هو نظام قمعي رجعي ديكتاتوري معادي للعلمانية و الحداثة. و بسبب هذه الطبيعة المتناقضة للنظام نفسة ينشا هذا الوضع المتناقض في المحل الأول.
أن فرق اليساريين الذين أخذوا من أول لحظه موقف ذلك النظام الرجعي يفترضون أن القوي الشعبية الإيرانية المعارضة ستأخذ موقفا متهادنا مع الإمبريالية. و هم هنا يخلطون بين شيئن مختلفين تماما بين جناح المعارضة في الطبقة الحاكمة (جناح رفسنجانى و موسوى) و بين الحركة الجماهيرية التي تؤيد هذه المعارضة. يتعاملون مع الحركة الشعبية باعتبارها أحد أجنحة النظام. بينما الحركة الشعبية تحاول استثمار صراع الأجنحة داخل النظام كي تصل لأقصي ما يمكن من حقوقها.و من ناحية آخري فأن هذا الجناح المعارض هو الذي قاد إيران في لحظات حرجة في تاريخها و ما زال. فرفسنجانى هو رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام و موسوي رئيس إيران طوال الحرب مع العراق . و خاتمي (القطب الثالث في مثلث الإصلاحيين) هو رئيس الجمهورية السابق. و كلهم كأقطاب للنظام أياديهم ملطخة بدماء الإلاف من الشعب الإيراني.
أن علي اليسار أن يدرك أن موقف النظام الإيراني من الإمبريالية أو المقاومة أو غيرها هو رهن بالحفاظ على هذا النظام و الحفاظ على طبقته الحاكمة. و أن النظام يستخدم كل هذه القضايا حسب الحاجة. فهو سهل مهمة أحتلال العراق. و دعم حزب الله و هو في أفغانستان يريد حكما مستقرا (للتخلص من المخدرات) و لكنه أيضا يريد للأمريكان أن يتورطوا أكثر الخ.
ثم علما يدور الصراع في إيران؟ أن الصراع يدور في المحل الأول حول حقوق الشعب و ليس حول الموقف من الإمبريالية. يدور الصراع حول حق الشعب الإيراني في الحريات السياسية و حقه في أن يعيش بكرامة في بلد غنى لحد التخمة بالثروات. يدور الصراع ضد مؤسسة دينية رجعية متخلفة و ليس ضد الشعار (مناهضة الإمبريالية) الذي ترفعه هذه المؤسسة كي تبقى في الحكم. و في مصر في الفترة ما بين 67 و 73 انتفض الطلاب مطالبين بالحريات السياسية رغم أن سيناء كانت محتلة و هم يدركون تماما أن الحرية السياسية للشعب هي الضمانة الوحيدة لعدم التفريط في الحقوق الوطنية المصرية. و صدق جدا توقعهم ففي غياب الحرية السياسية عقد النظام اتفاقياته من وراء ظهر الشعب. أن أيران تواجهه وضعا مماثلا اليوم و لكن بعمق أكبر و بمستوى أوسع لان هناك مطالب أقتصادية ملحة تتطلبها الفقر و البطالة التي افرزها حكم الملالي.
من زاوية آخري فأن أي موقف من ما يجري في أيران يجب أن يضع في أعتباره أن هناك حركة جارية و صراع متنامي و لا يمكن أختصار أى موقف في مجرد التأييد أو الرفض.
أن الحركة الشعبية الإيرانية علي العكس هي الضمانة الوحيدة كي يستمر و يتصلب الموقف من الإمبريالية.
أن آخر ما نريده هو أن أن نري إيران خاضعه ثانية للنفوذ الأمريكي كما كانت في عصر الشاة و نحن نعلم أن إيران قوية و مستقلة هو أمر لصالح الشعب المصري و لكننا نعلم من التجربة و من البحث أنه لا دوله حرة دون شعب حر و لا إيران حرة دون شعب إيراني حر. ثم أننا نثق في الشعب الإيراني في الحفاظ على أستقلاله و تدعيمه و لا نثق في نظام الملالي الذي يمكن أن يستدير عند أول منعطف. لذا فيجب أن نكون مع انتفاضة الشعب الإيراني من أجل حقوقه في الحرية و الديمقراطية في مواجهه الثيوقراطية الدينية.
No comments:
Post a Comment