الدستور
الاستفتاء
علي مشروع الدستور الجديد – القديم 2013
يثير العديد من
القضايا علي مستويات متعددة .و
لبناء موقف ثوري و جاد يجب تفكيك هذه
القضايا ضمن مستوياتها
1 – الحقيقة
الأساسية في الحياة السياسية في مصر هي
أن هناك صراعا ضاريا بين كتلتين من كتل
الرأسمالية المصرية و داعميهم الأجانب
. الكتلة
الأولي و الكبرى هي كتلة الجيش –
البيروقراطية – رجال الأعمال و الثانية
هي الإخوان و حلفائهم و لا شك أن كلتا
الكتلتين علي عداء جذري مع الثورة.
2 – أن
مجمل القوي السياسية الأخري هي ضئيلة
بجانب الكتلتين و كلما كانت أحدهما أقرب
لكتلة منهم كلما كان لها وزن ما
3 – أن
قوي الثورة – و هي البرجوازية الصغيرة –
مشتته و غير منظمة و قوي الشعب المنتج و
الفقير تكاد أن لا تكون موجوده في هذه
المعادلة . أما
قوي اليسار فهي هامشية.
4 – أن
الدستور هو أنعكاس لموازين القوي الواقعية
علي الأرض و ربما حمل هذه أو تلك من المواد
العظيمة المعني و لكن التي لا مستقبل لها
في التطبيق العملي . ما
لم تنهض قوي صاحبة مصلحه تفعلها
5 – أن
من وضع الدستور هو تحالف الرأسمالية
الكبيرة الحاكمة باستثناء الإخوان مع
ممثلين عن القوي الديمقراطية . و
أن كان شبح الثورة كان يحوم في المكان
فوضعت مواد جيدة تتعلق بالحريات و العدالة
الاجتماعية بشكل عام
6 – أن
لجنة الخمسين ما كان لها أن تنعقد لولا
دبابات الجيش خارج البوابة تحمي المقر
من أرهاب الإخوان.و
هذا يجعل للجيش كلمة حاسمة في اللجنة دون
أدني شك.
7- طبيعة
الاستفتاء علي الدستور غير انتخابات
الرئاسة . ففي
انتخابات شفيق – مرسي كان يمكن أن تحجب
صوتك عن كليهما لكن في الاستفتاء ب "نعم"
أو "لا"
كل شيء عدا "نعم"
يحسب لصالح "لا"
لان الاستفتاء
يقتضي نسبة معينة من التصويت كي يمر
المشروع . لذا
فكل مشاريع المقاطعة و أبطال الصوت هي
مشاريع "لا"
متخفية سواء عن قصد
أو دون . حتي
أن الإخوان أنفسهم اعلنوا انهم سيقاطعون
الاستفتاء – و لا شك عندي أنهم سيتراجعون
عن ذلك لصالح "لا"
الصريحة.
8 – التصويت
"بنعم"
يصب في صالح الطبقة
الحاكمة الآن (المؤسسة
العسكرية – البيروقراطية – رجال الأعمال
) التصويت
ب "لا"
يصب في صالح الإخوان
. و كذلك
المقاطعة و الأبطال . هذه
هي حقيقة الصورة التي ربما يجملها البعض
ببعض العبارات و هذا هو سبب الارتباك
الكبير حول الموقف من الاستفتاء.
فأنت في النهاية
مضطر لأن تنحاز لأحدى الكتلتين مهما غلفت
هذا بكلمات ثورية.
9 – نظرية
"الثورة
لا تختار بين أعدائها" لا
تصلح هنا كما أوضحت سابقا فكل صوت بنعم
يذهب لكتلة و كل صوت ب "لا"
أو عدم التصويت
يذهب للأخري
10 – أن
هذه هي معضلة الثورة التي رافقتها منذ
يناير 2011 غياب
البديل الثالث الثوري في أشد صورها حدة.
11 – مشروع
الدستور من زاوية الحريات العامة و الحقوق
الاقتصادية و الاجتماعية و صلاحيات رئيس
الجمهورية هو بالتأكيد أفضل من دستور
2012 و لحد
ما دستور 71 أيضا
.و هناك
إضافات مهمة في الصحة و التعليم و البحث
العلمي و حقوق الأقليات و منع التمييز و
تجريم التعذيب. رغم
ملاحظات كثيرة علي النصوص هنا و هناك لكن
أجمالا هذا هو الوضع
12 – نقطة
الاشتعال حول قضية المحاكمات العسكرية
للمدنيين حدث بها تحسن عن دستور 2012
من زاوية حذف صلاحية
الرئيس في تحويل قضايا للمحاكم العسكرية
و تحديد أفضل للجرائم التي تستوجب محاكمة
المدنيين أمام محاكم عسكرية . و
يظل وجود المادة ثغرة في بناء ديمقراطي
مدني حقيقي
13 – رغم
بقاء المادة الثانية التي تشكل أساسا
لدولة شبه دينية و هي المادة الموروثة من
دستور 71 المعدل
و كذلك المادة التي تخص احتكام أصحاب
الشرائع السماوية و التي تكرس للطائفية
الدينية-. و
كلتاهم ثغرة أوسع كثيرا في بناء ديمقراطي
مدني من ثغرة المحاكمات العسكري-.
فأن مشروع الدستور
لغي المادة 219 في
دستور 2012 التي
كانت تعني أن الدولة دولة دينية مكتملة.
14 – المادة
الانتقالية المتعلقة ب تحصين منصب وزير
الدفاع هي الأخري نقطة مشتعلة لكن عمليا
الجميع يعترفون بشعبية السيسي الكبيرة
. فربما
ساهمت هذه المادة في تقليل دوافعه للترشح
و أن ترشح – و غالبا سيفوز كما يتوقع
الكثيرين – تصبح المادة مجرد ذائدة بلا
معني.
15 – القضية
التي لا يناقشها الكثيرين هي ما بعد أقرار
المشروع أو عدم أقراره. أقرار
المشروع سيؤدي لتقليص نفوذ الجيش حينما
سيكون هناك رئيس منتخب و برلمان منتخب –
رغم أن الجيش سيظل له السلطة الأكبر من
وراء الستار دون جدال. و
سيفتح الباب لحياة سياسية متنوعة و لمواصلة
العمل من أجل أهداف الثورة . أما
عدم أقرار المشروع فسيؤدي أما إلي أقرار
دستور 71 بعد
تعديله – مع الاحتفاظ بالصلاحيات الموسعة
لرئيس الجمهورية فيه – أو إلي أصدار أعلان
دستوري ما و في كل الحالات سيطل أمد المدة
التي يتمتع الجيش فيها بكل هذا النفوذ .
و الأسواء أن تدخل
البلاد في مرحلة من الاضطراب علي خلفية
الإرهاب و نقترب أكثر من النموذج الليبي.
16 – أن
علي كل يساري أن يسأل نفسه أو نفسها ليس
مجرد عن شعوره تجاه الدستور أو ما إذا
كانت هذه المادة أو تلك تتفق مع معايير
ما و أنما عن مصلحة الطبقات الشعبية التي
يمثلها في مثل هذا التعقيد الشديد.
اليساري الذي لا
يري دوره في التعبير عن من يدعي تمثيلهم
يفقد صفة المثقف العضوي و صفة اليساري
17 – أعتقد
أن طالما تجاوز مشروع الدستور الحد الأدنى
المتمثل في دستور 2012 و
دستور 71 فأن
من مصلحة الطبقات الشعبية أن تنتهي المرحلة
الانتقالية بأسرع وقت . خاصة
و أن قوي الثورة أبعد ما تكون في المستقبل
القريب عن فرض دستور أفضل و لو كان لها
مثل هذه القدرة لأظهرتها أثناء وضع الدستور
.أي أن مصلحة
هذه الطبقات بالتصويت ب نعم للمشروع
18 – أن
قوي شبابية و ثورية يغلب عليها المثالية
سوف تصاب بالإحباط من التصويت ب نعم دون
شك . لكن
عليها أن تدرك أنه بدون بناء بديل أجتماعي
حقيقي منظم علي الأرض فلا أمل في دستور
ديمقراطي حقا و مدني حقا.
No comments:
Post a Comment