طريق
الثورة للانتصار
تميزت
الثورة المصرية في يناير 2011 بصراع
مركب و متعدد الأطراف . فمن
ناحية هناك انتفاضة شعبية هائلة ضد
الاستبداد و القمع و ألإفقار و النهب
لنظام مبارك.
و
من ناحية أخري صراعا بين القوي الرأسمالية
الرجعية داخل النظام نفسه بين شريحته
الأكبر العسكرية البيروقراطية و بين
شريحته الرجعية الدينية. و
في يناير 2011 قام
المجلس العسكري بالانقلاب علي مبارك
لإنقاذ مجمل الطبقة و تحالف مع الرجعية
الدينية في مواجهة قوي الثورة الشعبية.
علي مستوي أخر وقفت
الإمبريالية العالمية و خصوصا الأمريكية
ضد نظام مبارك و باركت انقلاب المجلس
العسكري أملا في وقف الثورة من ناحية و
في مذيد من التبعية من ناحية أخري.
و لا يمكن فهم
تعقيدات الثورة دون فهم هذه الأطراف
الأساسية الفاعلة فيها و هي شريحة
البيروقراطية العسكرية المرتبطة برجال
الأعمال من ناحية و الشريحة الأكثر رجعية
المرتبطة بأعمال الصرافة و التي تتخذ من
أيديولوجية دينية رجعية غطاء لها و الطرف
الإمبريالي الذي تدين له كلتا الشريحتين
بالتبعية و أن بصور مختلفة. و
في مقابل كل ذلك طرف الثورة الشعبية
تميزت
الثورة بالعفوية و انعدام التنظيم و أسفرت
الثورة عن خلق عملية ثورية مستمرة منذ
يناير و حتي الآن ترتفع حدتها أحيانا و
تهبط أحيانا تدفعها أعمق التناقضات
الطبقية كما أسفرت عن موجة كبيرة الاحتجاجات
و بناء نقابات و جمعيات مستقلة تهدف أساسا
إلي إعادة توزيع الثروة القومية لصالح
الطبقات الشعبية. لكن
لم تنجح القوي الثورية و الحركة الاحتجاجية
حتي الآن في بناء طرف شعبي منظم بشكل كافي
بحيث يشكل بديلا لشريحتي الرأسمالية و
يقف بصلابة ضد التدخل الإمبريالي.
غياب البديل الثالث
هو معضلة الثورة المصرية منذ يناير و حتي
الآن.
و
عقب معركة محمد محمود المجيدة بدأ الصراع
بين الطرفين الرأسماليين في الحكم المجلس
العسكري و الإخوان. و
أيدت الإمبريالية الإخوان في هذا الصراع
لأنهم من ناحية قدموا عروضا أفضل لها و
من ناحية أخري يتمتعون بقوة شعبية منظمة
و خدعت الكثير من القوي الثورية و اليسارية
في حقيقة الصراع و مالت للرجعية الدينية
كنتيجة مباشرة لتدهور وعيها الطبقي .
و تولي مرسي الرئاسة
كي يمارس نفس السياسات الرجعية و المعادية
للشعب التي مارسها مبارك و أن ذاد عليها
بأسلمة الحكم و القرارات الاستبدادية
مثل الإعلان الدستوري و أخونة الدولة.
و اندلعت انتفاضات
شعبية خصوصا في المحافظات ضد حكم مرسي و
تصاعدت الحركة الاحتجاجية لمستويات غير
مسبوقة. و
شجع الجناح البيروقراطي العسكري علي
أستحياء أولا ثم صراحة مواجهة نظام مرسي.
و توجت هذه الحركة
الثورية بحملة تمرد ثم بثورة 30
يونيو التي حملت
للحكم الجناح البيروقراطي العسكري و أقصت
الإخوان و أن شاركت بعض القوي الديمقراطية
في الحكم أيضا. و
مرة أخري يبدو غياب البديل الشعبي كعقبة
أساسية أمام أنتصار الثورة.
و
عقب 30 يونيو
بدأت مرحلة أنتقالية رأينا توجهين توجه
إخواني مدعوم قطريا و تركيا و أمريكيا
لتحويل مسار الثورة للطريق السوري الليبي
بالإرهاب السافر و حرق الكنائس و المذابح
و طريق السلطة الجديدة بالقوة المفرطة و
استعادة الدولة الأمنية . علي
أن عقب 30 يونيو
ظهر عنصرا جديدا في الصورة و هو محاولة
إفشال الدولة. لقد
كانت هزيمة يونيو 67 العسكرية
هي الطريقة الإمبريالية لسحب الطبقة
لمربع التبعية و اليوم الإرهاب هو
الأسلوب.و
يجب أن يكون واضحا أن قوي الإرهاب هي أشد
أعداء اليسار فكريا و سياسيا قوي رجعية
من القرون الوسطي .و
إزاء هذه التطورات بات الشعب يبحث عن منقذ
. عن كاريزما
و قدم له الإعلام السيسي في هذه الصورة .
أن المجال السياسي
رجعي بشكل شبه كامل . و
تسوده الرجعية الدينية و الطبقية.
الدستور الجديد
يقدم أفضل صورة ممكنة عن هذا المجال .
دستور أفضل قليلا
من الدستور الإخواني الذي كان يؤسس لدولة
دينية بينما الجديد لا يصل لمستوي تأسيس
جمهورية ديمقراطية مدنية حديثة.
ما
هو موقف اليسار إذن من هذا المشهد المعقد
؟ أن اليسار ليس أتجاها للمعارضة السياسية
اليسار مثل الثورة مشروعا للتغيير
الاجتماعي و بمعني ما فأن اليسار يعارض
السياسية يعارض تضليل الشعب بأن يذهب كل
بضعة سنين ليختار من بين الملاك من سيحكمه
لسنوات و يواصل نفس النظام الاجتماعي
الذي يسحقه . و
قضية اليسار الذاتية هي ضعفه و هشاشته و
تشتته لكن أهم عنصر في قضية اليسار هي
عزلته عن الطبقات التي يزعم التحدث باسمها
و بقاؤه كنخبة مثقفة من حيث الأساس.
معضلة
الثورة هي غياب البديل الاجتماعي و معضلة
اليسار هي أيضا غياب البديل الاجتماعي
أو غياب تواجده ضمن هذا البديل.و
حل معضلة الثورة و اليسار ليست عملية
فكرية سياسية يتم فيها أختراع حلا ما مقنع
أو منطقي. أن
حل معضلة الثورة و اليسار هي عملية ممارسة
كفاحية أساسا يتم فيها أكتشاف هذا الحل
نفسه عبر تحقيقه بالذات. لكن
الثورة و تجارب الشعوب الأخري تقدم لنا
مؤشرات مهمة و كذلك التحليل الطبقي.
أن المجتمعات التي
نجحت في تحقيق قدر من التقدم الاجتماعي
و السياسي نهضت علي أساس تحالف متين بين
ثلاث قوي رئيسية و هي اليسار المتحرر من
الدوجما و الجمود العقائدي و الحركة
العمالية ممثلة في النقابات و حركات
التغيير الاجتماعي في المدينة و الريف.و
تتجسد كتلة التغيير الاجتماعي هذه في
مؤسسات شعبية متنوعة الأهداف و المقاصد
تقدم توازنا لحد ما مع جهاز الدولة و تدفع
في اتجاه مذيد من الثروة و السلطة للشعب.
و
كما يقال .الوردة
هنا فلنرقص هنا. هذه
هي مهمتنا الرئيسية السعي الدؤب لبناء
كتلة التغيير الاجتماعي من الفئات و
الطبقات صاحبة المصلحة فيها.و
هذه المهمة لن تتحقق إلا عبر بناء مؤسسات
قاعدية من هذه الفئات و الطبقات بمعونة
اليسار بناء نقابات و اتحادات و جمعيات
أهلية و تعاونيات و أيضا تحويل مؤسسات
قائمة أن أمكن مثلا في المحليات أو مراكز
الشباب أو قصور الثقافة. أننا
ندرك أن بناء البديل الثالث الثوري و
الشعبي ليس مهمة سهلة و لن يتحقق في سنة
أو اثنين و لكن هذا يشدد عزمنا علي البدء
من الآن. أن
دورنا كيسار ليس الانجرار وراء النخب
السياسية الديمقراطية في عملية هدفها في
الجوهر تثبيت نظام ديمقراطي شكلي بل علي
العكس دورنا هو جر هذه النخب السياسية
للمشاركة في عملية بناء البديل بدء من
القواعد في كل مكان. عبر
ابتداع تحالفات و جبهات متنوعة معها يكون
هدفها تعزيز هذا البديل و بناء مؤسساته.أن
دورنا ليس الانسياق وراء الثقافة السائدة
لكن الدعوة للثورة الثقافية عبر ممارستها
دورنا ليس تملق الشباب الثوري بل طرح
المهمة الضرورية أمامه و دعوته للمشاركة
النشطة فيها و الوقوف ضد كل مظاهر ضيق
الأفق و الضجر و الإحباط. أن
مهمتنا هي مهمة تاريخية يجب أن ننظر لها
علي هذا الأساس و نعاملها علي هذا الأساس.
و هذه المهمة
بطبيعتها مهمة ديمقراطية و منفتحة تستوعب
كل التيارات السياسية و الفكرية التي
ترغب في المشاركة فيها بل و ستخلق تيارات
فكرية و سياسية علي مقاسها عبر عملية
تحققها.
أننا
لكل هذا نقرر
1 – أن
المهمة الرئيسية لقوي اليسار هي بناء
بديل شعبي من النقابات و الجمعيات و
التعاونيات و حركات التغيير الاجتماعي
و هذه هي المهمة التي سنوليها عنايتنا
الكبري بالتعاون مع كل القوي الديمقراطي
عبر كل أشكال التحالفات و الجبهات القاعدية.
2 – أننا
نعارض بقوة كل أشكال البونابرتية و الزعيم
الأوحد و أستدعاء أشباح الماضي.
3 – أننا
ندعو الأقباط و الحركات النسوية و أبناء
النوبة و سيناء و كل مضطهد لبناء حركة
شعبية و منظمة و الانخراط في النضال فلن
تتحرر أي فئة إلا عبر نضالها الذاتي أولا
ثم بالتضامن بين كل المضطهدين ثانيا.
4 – أننا
علي المستوي السياسي سنعمل علي دفع بلادنا
تجاه جمهورية ديمقراطية مدنية حديثة.
5 – أننا
نري أن ما يسمي تيار الإسلام السياسي
تيارا رجعيا من مخلفات الماضي لذا فهو
معادي للشعب و للتقدم
6 – أن
الميل الطبيعي للتشكيلة الحاكمة هو القضاء
علي الثورة و مكاسبها للعودة لنظام
استبدادي و سوف نعارض دائما هذا التوجه.
7 – أننا
نعارض بحسم كل تدخل إمبريالي في بلدنا
سواء علنيا أو مستترا و نعتبر أن الإمبريالية
شريك أساسي في محاولة القضاء علي الثورة
سواء مع التشكيلة القائمة أو مع تيار
الإسلام السياسي.
8 – أننا
نرفض و سنعارض أستغلال التشوش السياسي
القائم لتمرير مشاريع تستهدف نهب الثروات
الطبيعية المملوكة للشعب و نهب مؤسساته
و خاصة قناة السويس. كما
نرفض توجهات صندوق النقد الدولي و سياسية
النيوليبرالية.
9 – أننا
ندرك أن إعادة توزيع الثروة لصالح الطبقات
الشعبية لن تكون ممكنة دون مشروع تنموي
جبار يعيد هيكلة الاقتصاد المصري لصالح
القطاعات الإنتاجية في الزراعة و الصناعة.
10 – أننا
ننحاز و سنشارك في ثورة ثقافية تنويرية
للتخلص من عقود الجمود و السلبية و الرجعية
الفكرية.
نوفمبر 2013
No comments:
Post a Comment