أزدواج
سلطة أم أزدواج ضعف؟
جاءت
الثورة المصرية كصاعقة علي كل
أطرافها. فالطبقة
الحاكمة لم تكن تتصور حجم الانتفاض الشعبي
الذي هز مصر من أقصاها لأقصاها.
حتي دعاه الثورة
أنفسهم لم يتخيلوا مثل هذا الانتفاض غير
المسبوق. و
حتي جماهير الشعب لم تكن تدرك حجم هذه
القوة التي تضمها ملايينها حين تتحد.و
لذا سارعت الطبقة الحاكمة بالقيام بأمرين
بالغي الأهمية أولهما إزاحة المخلوع و
هو رئيس هذه الطبقة و حاميها و الحاكم
باسمها و تسليم السلطة للإخوان و هم أعداء
هذه الطبقة و خصومها لفترة غير قليلة.
و لكنهم أعداء من
نفس العينة و الفصيلة عكس العدو الشعبي
المتربص بالميادين. و
يمكن القول أنه في لحظة الثورة نفسها حتي
11 فبراير
2011 كان هناك
أزدواج للسلطة في مصر. كانت
هناك سلطة شعبية في الميادين كالت ضربة
موجعه للنظام و حطمت جهازه الأمني (قوات
الأمن) و
كانت هناك السلطة التقليدية القائمة و
قد أصيبت بجرح دام. و
بشكل عام يمكن البرهنة التاريخية علي أن
كل ثورة تنطوي علي لحظة لتوازن القوي أو
أزدواج السلطة.
علي
أن في حالتنا المصرية كانت السلطة الشعبية
في الميادين سلطة غير مدركة لذاتها بالقدر
الكافي الذي يسمح لها بانتزاع السلطة
كاملة أو حتي جزئيا (بمعني
بالمشاركة مع المجلس العسكري). و
هو ما تجسد في تواضع شعاراتها -مجرد
رحيل المخلوع- و
محدودية تنظيمها. و
قد أدركت الطبقة الحاكمة و راعيها الأمريكي
هذا الضعف البنوي في جسد الثورة و عملت
علي أستثماره لأقصي مدي ممكن. و
هو ما أدي للتداعيات التالية. أن
أنهيار نظام مبارك طرح علي المجتمع ككل
بكل طبقاته سؤال: أي
مجتمع نريد علي أنقاض مجتمع مبارك؟ هذا
السؤال كان و ما يزال محور كل التفاعلات
المعقدة التي جرت منذ الثورة.
كانت
الخطة الأولي للطبقة و مجلسها العسكري
هي مجرد رحيل مبارك و حينما لم يسفر هذا
عن تهدئة المزاج الثوري بدأت اللعبة
الديمقراطية الشكلية من أستفتاء ،لإعلان
دستوري ،لانتخابات مجلس شعب و شوري ثم
الانتخابات الرئاسية و في كل مرحلة لم
تحقق الطبقة الحاكمة النجاح المنشود رغم
خلط الديمقراطية الشكلية بالقمع الواسع
و اعتقال 16 ألف
من شباب الثورة و المذابح الجماعية.
و راهن الراعي
الأمريكي علي الإخوان لتفعيل قاعدتهم
الشعبية في مواجهة الثورة. غير
أن الإخوان مع استعدادهم للقيام بالدور
المطلوب كانوا يطمحون لانتزاع السلطة
كاملة و أزاحه المجلس العسكري الذي كان
ركيزة خطة إنهاء الثورة. و
تحقق للإخوان ما حلموا به طوال عقود طويلة.
و انفردوا بالحكم
كاملا. لكن
السؤال المحوري حول شكل المجتمع بعد مبارك
لم تتم الإجابة عليه بعد.
طوال
تلك المرحلة المعقدة منذ 11 فبراير
و حتي نهاية العام تقريبا شهدنا مزيجا من
السلطة و اللاسلطة إذا استعرنا تعبير
الحرب و اللاحرب. فمن
ناحية كان جهاز القمع يستكمل أعادة التأهيل
بعد ضربات الثورة و من ناحية أخري لم تكن
قوي الثورة أنفضت تماما عن العملية
السياسية الثورية التي جرت في الميادين
و في المواجهات البطولية و في المظاهرات
المليونية. و
لم ينجح المجلس العسكري في تقديم صورة
مقنعة عن المجتمع الجديد بعد مبارك.
بل لم يتصور هذا
المجلس أي مجتمع غير المجتمع المباركي
المهزوم و لكن المجلس نجح في تمرير اللعبة
الديمقراطية و جعلها هدفا للثورة أو
بالأحرى بديلا لها.و
من ناحية أخري فشلت قوي الثورة أيضا في
تقديم بديلها الثوري و شغلت نفسها بقضايا
ثانوية و أوهام و معارك كبيرة دون داع
-مثلا قضية
السفارة الإسرائيلية-و
لم تطرح لا استيلائها المباشر علي السلطة
و لا حتي شكل معين للمجتمع المنشود.
و هذا يعود بالقطع
للطبيعة الطبقية لقيادات الثورة و للأوهام
التي نتجت عن السهولة النسبية في مرحلة
الثورة الأولي. لكن
رغم هذا العيب البنيوي الخطير في تركيب
الثورة و قواها فقد نجحت القوي الثورية
في صد هجمات النظام و بالتالي حمت الحريات
السياسية المنتزعة طوال هذا الوقت بما
في ذلك تأسيس الأحزاب و النقابات و الصحف
الخ.
و
علي مستوي أخر عززت باقي القوي الشعبية
-العمال و
الفلاحين و الموظفين و غيرهم – نضالاتها
الاقتصادية و بدأت في بناء نقاباتها
المستقلة مستفيدة ضمنيا من تضعضع قوي
القمع و من المواجهات الطاحنة التي تدور
علي المحور "السياسي"
بين قوي الثورة و
بين المجلس العسكري. و
قوي الثورة أساسا مشكلة من الطبقة الوسطي
أو قطاعات منها و من فقراء المدن الداعمين
لها. و بسبب
التباين النوعي في الاهتمامات بين السياسي
و الاقتصادي و بسبب تدنى مطامح الطبقة
العاملة و حلفائها في الإطار الاقتصادي
و بسبب عدم وضوح الرؤية لدي القوي الثورية
لم يحدث الالتقاء المنشود بين القوتين
الرئيسيتين في العملية الثورية -العمال
و الفلاحين من ناحية و الطبقة الوسطي و
فقراء المدن من ناحية أخري- هذا
الالتقاء الذي لو حدث لغير قواعد اللعبة
السياسية تغييرا حاسما لصالح قوي الثورة.أي
أن الطبقة العاملة من جهتها أيضا حققت
نجاحا ملموسا في تصعيد نضالاتها الاقتصادية
لكنها فشلت في بناء تحالف ثوري قادر علي
الانتصار للثورة. بل
فشلت -حتي
الآن- في
تجميع نفسها و توحيد رايتها حتي تحت مظلة
المطالب الاقتصادية المحدودة.
أما
بالنسبة للأحزاب السياسية الجديدة و
القديمة فلم تكن لاعبا ذا بال في مجمل هذا
العام أما لحداثة نشأتها أو / و
أفتقادها للرؤية و النفوذ وسط القوي
الثورية. إلا
أن الأمر يختلف فيما يخص الدكتور البرادعي.
كان للبرادعي دورا
كبيرا في الإعداد للثورة تميز بالشجاعة
و الحكمة مما جعله زعيما حقيقيا لكثير من
الشباب الثوري. غير
أن ما أن قامت الثورة أختفي الدكتور لحد
كبير لسبب غامض. تأكيدا
هو لا تنقصه الشجاعة و لم نسمع عن متاعب
صحية خطيرة يواجهها رغم كبر السن.
علي
كل حال أصبح هناك عاما كاملا من الحرية
السياسية غير المسبوقة في مصر لا شك سيكون
له أثره البالغ علي التاريخ المصري لفترة
طويلة مقبلة. المجلس
العسكري أخفق في أقناع الشعب بمجتمع جديد
لم يفكر فيه أصلا و نجح في تمرير اللعبة
الديمقراطية و قوي الثورة من ناحية أخري
فشلت في صياغه تصورها عن هذا المجتمع
الجديد و لكنها نجحت في الحفاظ علي أدوات
الثورة. يمكن
تسميه هذا الوضع نوعا من توازن الضعف.
فلا المجلس قادر
علي إنهاء الثورة تماما و لا قوي الثورة
قادرة علي أعادة بناء المجتمع علي صورتها
أو الصورة التي تحلم بها. و
بسبب توازن الضعف هذا ظهر الدور الخطير
للإخوان المسلمين بقوتهم المنظمة و
أنتشارهم الواسع و تحالفهم مع السلفيين.
لو كان أيا من القوي
الرئيسية في المواجهة التي جرت في عام
2011 قادرا
علي فرض نفسه علي الطرف الأخر لبقي الإخوان
قوة كبيرة لكنها مهمشة.
الإخوان
من ناحيتهم انحازوا بشكل كامل للمجلس
العسكري طوال عام 2011 بل
أدانوا القوي الثورية علنا خاصة بدء من
27 مايو 2011
حتي تم لهم الاستحواذ
علي مجلسي الشعب و الشوري -مع
السلفيين- حينما
بدأت التناقضات تظهر بين الحلفين و أصبح
المجلس العسكري و الإخوان يتصارعون بشكل
مكتوم مع تأييد واضح أمريكي للإخوان.
ثم أشتد الصراع
بينهم لاحقا حينما خرق الإخوان أتفاقهم
مع العسكر و قرروا ترشيح خيرت الشاطر
لمنصب الرئاسة ثم محمد مرسي.
و
من بداية هذا العام تقريبا كانت هناك حالة
من الهدنة المؤقتة بين أطراف الصراع نتيجة
للانهاك الناجم عن معارك العام السابق.
و أفسح هذا المجال
للإخوان لصعود نجمهم مدفوعين بالإضافة
لانهاك القوي الرئيسية بدعم أمريكي خليجي
بلا حدود تقريبا ماديا و سياسيا و إعلاميا.و
أخذ الصعود الإخواني شكل التغلغل في صفوف
القوي الثورية حتي بعض اليسارية منها .
التي رأت -بسبب
حالة الإنهاك- أن
الإخوان ربما يقدمون دفعة جديدة للثورة.
و بسبب الطبيعة
الطبقية لهذه القوي- الثورية
و منها قوي يسارية- و
غياب الأفق الثوري ارتضت هذه القوي أن
تعمل مع الإخوان خاصة لموازنة قوة المجلس
العسكري. لم
تستطيع تلك القوي الثورية بسبب طبيعتها
أن تنتبه للطبيعة الطبقية الرجعية للإخوان
و لا لحقيقة كونهم قوة صاعدة و لا لواقع
أنهاك المجلس العسكري الذي فقد حليفه
الإخواني.علي
الرغم من أن طبيعة الإخوان كانت أخذت في
الانكشاف أمام عامة الشعب خاصة بعد أنعقاد
مجلس الشعب الذي يسيطرون عليه.ناهيك
عن أن الطبيعة الرجعية لإخوان و معاداتهم
لمجتمع ديمقراطي حديث أمر واضح وضوح الشمس
من تاريخهم الطويل. و
سمحت قوي عديدة من الطبقة الوسطي لنفسها
أن تنجر وراء أوهام من فعل خيالات عن
"المجتمع
الجديد" الذي
سيبنيه الإخوان بالتحالف مع القوي الثورية.
حتي أن كاتبا
ليبراليا تصور أن حكم الإخوان سيفضي لدولة
ديمقراطية رئيستها "سيدة
مسيحية" حينما
يكون الواقع عنيدا و الرؤية غائبة تسارع
الأوهام و أحلام اليقظة كي تملأ الفراغ.
و هو ما أدي لنجاح
خطتهم للاستيلاء علي السلطة بشكل كامل.
لكن يبقي السؤال
الرئيسي بلا إجابة رغم ذلك ما هو شكل
المجتمع الجديد المراد بناؤه؟
قبل
الاستطراد في أستعراض حالة توازن القوي
المختلفة يجب أن نؤكد حقيقة هامة و هي أنه
منذ الثورة لم يقم المجلس العسكري -و
لا حتي الإخوان بعده- بأي
أجراءات تهدف لمواجهة الأسباب العميقة
للثورة. فالاحتقان
الاجتماعي أخذ يتزايد و يشتد.
فالمجلس و الإخوان
لم يقوموا بأي أجراءات لمواجهة الفقر و
التفاوت الطبقي الواسع و لا بتخفيف الهيمنة
الرسمية المطلقة علي الحياة العامة – من
الزاوية القانونية و أن كانت قد ضعفت من
الزاوية العملية – بل علي العكس اتخذت
إجراءات من شأنها تعميق الاحتقان الاجتماعي
-قوانين
تجريم التظاهر و رفع الأسعار الخ-
و ربما الإجراءات
الوحيدة التي اتخذت في هذا المجال هي
إجراءات سلبية مثل نشر الخوف بانعدام
الأمن أو أن الثورة تهدد الاستقرار و
بالتالي الازدهار الاقتصادي الخ الخ من
الدعايات المضادة للثورة و لم تكن هذه
الدعايات بدون مردود خاصة مع الانفصال
الواضح بين قوي الثورة السياسية و الطبقة
العاملة و حلفائها. بمعني
أخر أن السلوك السياسي و الاقتصادي للمجلس
العسكري و من بعده الإخوان عمق التناقضات
الاجتماعية و جعل السؤال عن "المجتمع
الجديد" أكثر
إلحاحا.
ما
أن استولي الإخوان علي السلطة ممثلة في
رئاسة الجمهورية عبر انتخابات مشكوك فيها
– هناك من يقول أن مرسي حقيقة خسر الانتخابات
منهم روبرت فيسك- حتي
سارعوا بتثبيت أقدامهم أولا عن طريق تدعيم
صفوف الحلف اليميني الإسلامي بما في ذلك
حماس و أطلاق سراح المحكومين حتي بالإعدام
. ثم الإطاحة
بالمجلس العسكري عقب عملية قتل الجنود
علي الحدود. ثم
الهيمنة علي الإعلام عبر مجلس الشوري.
و ضمن هذه الإجراءات
عمليات لا شرعية تماما مثل إلغاء الإعلان
الدستوري من قبل الرئيس. فحتي
مبارك حينما عدل الدستور لم يعدله بقرار
رئاسي لكن عبر استفتاء. و
علي الصعيد الاقتصادي شن نظام الإخوان
حملة أقتراض هي الأكبر في تاريخ مصر من
الداخل و الخارج. لا
شك ستستخدم لأخونه الاقتصاد. مع
رفع أسعار العديد من السلع و الخدمات.
أستغل الإخوان
الفترة التي أعقبت الانتخابات مباشرة و
التي شهدت أرتباكا من مجمل القوي كي يقوموا
بعملية أخونة واسعة لجهاز الدولة من
الوزراء للمحافظين للقوات المسلحة و
الشرطة.
رغم
النجاح الباهر للإخوان في الاستفادة من
تناقضات الخصوم المجلس العسكري من ناحية
و القوي الثورية من ناحية أخري.
إلا أنهم في اللحظة
التي استولوا فيها علي السلطة بدأ أنهيار
سلطتهم. فلم
يصعد الإخوان لرضاء كتلة رئيسية من السكان
عن توجهاتهم لم يصعدوا لأن قطاع عريض من
الشعب مقتنع بإجابتهم عن سؤال ما هو
المجتمع الجديد -فهم
أنفسهم لا يعرفون الإجابة-. فعلي
الرغم من الحشد الهائل و الدعم الخليجي
الأمريكي و ميل قسم مهم من القوي الثورية
لم ينجح مرسي إلا بالكاد أمام شفيق الذي
هو مكروه بل و مطرود من منصب رئاسة الوزراء
من قبل بقوة الضغط الشعبي.
الآن
أصبح عليهم حال وصولهم للسلطة أن يقوموا
ببناء هذا المجتمع الذي لا يعرفونه و ليس
لديهم أدني فكرة عن كيفية الوصول له.
فمثلا اللجنة
التأسيسية للدستور -فاقدة
الشرعية- المنوط
بها صياغة إجابة عن سؤال المجتمع الجديد.
هي عبارة عن تجمع
من أناس أقل ما يصوفون به هو أنهم متخلفين
و عديمي الفكر و همهم الأساسي هو وضع أكبر
قدر من أدوات القمع في صلب الدستور.
فحتي إذا نجحوا في
أصدار مثل هذا المسخ الدستوري لن يكون له
قدره علي أعادة صياغة الحياة السياسية و
الاجتماعية لأنه لا يراعي الواقع الموضوعي
القائم و يصبح مجرد أداة قمع قانونية
أضافية لترسانة القمع القانونية المتخمة
أصلا.
ما
هي المعادلة التي تحكم الوضع في مصر الآن
أذن؟ وجود الفقر و التفاوت الطبقي الواسع
هو أصل الثورة و ما غياب الحريات السياسية
إلا النتيجة الحتمية لذلك. فليس
أمام الإخوان إلا محاولة كسب الوقت حتي
يتحقق مستوي معقول من التنمية يتيح تخفيض
الفقر و بالتالي نزع فتيل الثورة.
لكن هذا الوقت
بالذات هو صلب المشكلة. فكيف
يمكن كسب الوقت و في نفس الوقت القيام
بالتنمية؟ لا بديل عن قمع واسع النطاق
يتضاءل لجانبه قمع المجلس العسكري.
لكن مثل هذا المستوي
من القمع يتطلب عده أمور لا تتوافر للإخوان
حاليا. يتطلب
القدرة علي القيام برشي سريعه للطبقات
الكادحة و تحييد الطبقة الوسطي و لو لحد
ما و هيمنه وثيقة علي جهاز القمع.
ففي
حالة ملالي إيران مثلا أرتبط القمع الوحشي
بقدرات إيران المالية التي هي أكبر كثيرا
من مصر و بتفكك جهاز القمع أثناء الثورة
(الجيش)
و علاوة علي ذلك
تطلب الأمر حرب طاحنة مع العراق لإخراس
كل صوت.و
في حالة عبد الناصر عقب أنقلاب 52
لم تكن مستوي
التناقضات الاجتماعية بمثل هذه الحدة و
رغم أن تشققا حدث في الجيش إلا أن عبد
الناصر كان قادرا علي أحتواءه كما أنه
حقق عددا من المطالب الشعبية فورا –
الإصلاح الزراعي الهزيل و طرد الملك و
أعلان الجمهورية ثم أتفاقية الجلاء – ثم
أن عبد الناصر كان مدعوما بقوة سياسية
كبري هي الإخوان أنفسهم.
يفتقد
الإخوان لكل هذه العناصر فلا الموارد
المالية للرشي متوافرة و لا يمكن تحييد
الطبقة الوسطي في ظل التوجهات اليمنية
شديدة الرجعية و التخلف للإخوان و خصوصا
حلفائهم السلفيين. و
التخلص من السلفيين غير ممكن لأن لهم دور
ضروري في عملية القمع القادم . و
مستوي الهيمنة علي جهاز القمع محدودة
بحكم جده الإخوان علي قمة الدولة.علاوة
علي هذا فأن شروط الأزمة العالمية تجعل
الاقتراض مرتبط بشروط صندوق النقد التي
هي تهدف لتعميق الأزمة الاجتماعية.
ثم أن الراعي
الأمريكي أخذ موقفا اكثر حذرا بعد أحداث
الفيلم المسيء و أحداث سيناء. و
أخيرا فأن قاعدة الإخوان الشعبية بدأت
فعلا في التفكك بفعل الأزمة.
التناقض الذي يواجهه
الإخوان تناقض مركب فلا هم مؤهلين لممارسة
القمع و لا يمكنهم تلبية المطالب الشعبية.
و لا هم مقبولين من
عموم الطبقة الوسطي و لا قادرين علي تهذيب
العناصر الأكثر فجاجه في معسكرهم طالما
هم بحاجة لها لعمليات القمع المادية و
الإيديولوجية القادمة. و
الحل الذي لجاء له ملالي إيران و هو الحرب
مع العراق حل لا يمكن أن يتم في مصر مع
إسرائيل. و
أي مشاركة مصرية في مواجهة أيران علي محور
السنة – الشيعة لن تكون ميسورة خاصة و هي
بالتحالف مع أمريكا.
أن
هذا التناقض في الوضع الإخواني لا يعني
أنهم لن يلجؤوا للضرب بكل قوتهم علي الحركة
الشعبية و علي وجه الخصوص في مواجهه قوي
اليسار. لكن
يعنى أن عملية مثل هذه ربما تكلفهم كل شيء
و تشعل ثورة مجددا و ربما تمضي لكنها ستأخذ
وقتا طويلا لتحقيق أهدافها.
من
ناحية أخري فأن الحركة الشعبية بدأت تنهض
و بدأت قطاعات من الطبقة الوسطي التي أيدت
الإخوان تري فداحه ما صنعته أيديها.
كما أن الحركة
الاحتجاجية في ذروتها لكن مستوي التنظيم
مازال متدنيا جدا في أرتباط وثيق بمستوي
تبلور توجهات محدده. و
ما زالت حركتها من حيث الأساس تدور في
أطار رد الفعل. الحركة
الشعبية ما زلت أضعف من القيام بانتفاضة
شاملة أو ثورة تطيح بالإخوان في هذه اللحظة
و أمامها الكثير جدا كي تصل لهذا المستوي.و
بالطبع فلن يحدث تعديل في موازين القوي
أعتمادا علي تناقضات معسكر الإخوان.
بدون أن تنتهز القوي
الشعبية مثل هذه التناقضات و تنظم صفوفها
بشكل يسمح لها بالانتصار فسيحصل الإخوان
علي الوقت الذي يريدونه. بالإضافة
إلي ذلك فأن تصاعد التناقضات الطبقية
يهدد القوي الشعبية باحتمال أندلاع ثورة
ليس معد لها جيدا مما يجهضها و يفتح للإخوان
بابا جديدا. فالقوي
الشعبية ليست في سباق مع الإخوان فحسب
لكنها – و ربما بشكل أكثر إلحاحا – في
سباق مع نبض الثورة في الشارع
أن
كل من السلطة الجديدة الإخوانية و خصمها
الشعبي غير مطلق اليدين و كل منهما يعني
من تناقضات جوهرية تجعل توازن الضعف هو
الصيغة الحاكمة حتي الآن.
No comments:
Post a Comment